بقلم: محمد سعيد كاتب صحافي ـ الإمارات
في عام 2000، عندما كنت أدرس في الجامعة الأردنية، وفي صباح «الكريسماس»، امتلأت مقاعد قاعات الدراسة بقصاصات ورق مكتوب عليها «تهنئة الكفار بأعيادهم كفر»، وبعدها بـ3 سنوات وعلى هامش انتخابات مجلس الطلبة، تم نصب صورة كبيرة جداً لأسامة بن لادن مع مقولة له تتحدث عن فلسطين، في المناسبتين، لم يكن الناشر عضواً في القاعدة، بل تنظيم الإخوان بجناحه الطلابي.

بعد ذلك بسنوات، احتفلوا في يوتيوب بأحمد زويل ومحمد شحرور وبكوا قاسم سليماني، فصحة المنهج لديهم لم يحكمها في أي يوم من الأيام دين ولا عقيدة، بل مصالح سياسية، فمن طابق مصلحتهم مؤمن صالح ولو كان قاتل ناقة صالح، ومن خالف مصالحهم منافق في الدرك الأسفل من النار ولو كان من الصحابة، فلم يتردد بعض علمائهم في الماضي من التشكيك ببعض الصحابة لأن بعض أفعالهم، تعرقل مساعي الجماعة لغسل أدمغة متابعيها.

عالم بلا جماعة «الإخوان المسلمين»، هو عالم كان يستحيل تخيله في الماضي، لكن أحداث الثورات والفوضى في العالم العربي أخيراً، وتقدم عدة دول بشجاعة لمواجهة مخططاتهم، جعل هذا الخيال أقرب للواقع.. ليس الآن بالتأكيد، ربما بعد 20 أو 30 سنة.

عالم بلا إخوان، يعني عالماً دون توظيف لدين لتحقيق أهداف تجارية أو سياسية، عالماً دون دعوات في السر للعزلة عن الناس، ودون استغلال مقزز لفقر المحتاجين، ودون زرع بذور الإرهاب، لتنمو بصمت فيقولون بعد ذلك: «ما ذنبنا؟.. فنحن لم ندعُ للقتل، وينسون أنهم وضعوا البذور التي يكون تحولها الطبيعي إرهاباً».

عالم بلا إخوان، هو عالم عربي فيه الشعوب تحترم المواطنة، فلا يكون فيها من يصرح علانية «طز في مصر» كما فعل مرشدهم السابق، ولا من يحتفل بهزيمة بلاده في حرب 1967، ولا من يشتري الليرة التركية، مضراً بعملة بلاده كما حدث في بعض الدول، ومنها الأردن.. بالتأكيد هو عالم أقل نشراً للخرافات الدينية التي تتم زراعتها في عقول الأطفال دون مصادر صحيحة، للسيطرة عليهم وعلى اتجاهاتهم، هو عالم دون دعاة رجعية يرحبون ويتمنون عودة الاستعمار العثماني، أو ينسقون مع إيران لإيذاء دول عربية آوتهم في الماضي عندما كانوا مشردين.

عالم بلا إخوان بات ممكناً، لأن القداسة الوهمية التي كانت على من يلمعونهم ثم يسمونهم رجال دين قد زالت، ولأن الناس رأت وجههم الحقيقي في لبيبا واليمن ومصر وسوريا، ولأن الشعوب أدركت أن القرآن حقها جميعاً، وأن الله يحب من يأتيه بقلب سليم، لا من يأتيه بقلب حقود دموي، ويعتقد أنه ذاهب للجنة لأنه يمارس العبادات.

أخبار ذات صلة

فلتتوقف الحكومات عن خفض أسعار البنزين!
الدور الرئيسي لإزالة الكربون واللامركزية والرقمنة في تحول قطاع الطاقة


عالم بلا إخوان بات ممكناً، لأن أي عاقل يربط بين وجودهم بالإرهاب، يدرك أن هناك صلة مباشرة، بل حتمية بتحول نسبة لا بأس بها منهم إلى إرهابيين، بسبب المعسكرات المغلقة، وتكرار الرسالة الدموية سراً.

عالم بلا إخوان يقترب، لأن الجيل الجديد يريد الحياة، مؤمن بالأمل، وبحقه في السعادة، وهي ثلاثية تقتل أساس فكر الإخوان، القائم على السوداوية والاهتمام بالموت أكثر من الحياة، فيصبح الإنسان كئيباً، ومستعداً للمضي خلف المنوم المغناطيسي المسمى «مرشداً».

عالم بلا إخوان ليس مجرد عنوان مقال هنا لرجل اختلف معهم، بل فكرة أعتقد أننا سنعيشها في مقبل السنين، ولا أتحدث هنا عن تصفية الناس جسدياً، فلست إخوانياً لأدعو لذلك علانية كما فعلوا في عدة مواقف، بل أتحدث عن القضاء على جوهر الشر وهو أفكارهم ومبادئهم التي يلبسونها ثوب الحق وما هي إلا باطل، وعندها يبدأ دمل جراح الانقسامات التي خلقوها عامدين قاصدين.