عمر عليمات

يفرّق الأطباء بين المريض النفسي والعقلي، فالأول يدرك مشكلته ويحاول أن يجد لها علاجاً، فيما ينكر الثاني أساساً مرضه، ويرى أن مَن يسعى لعلاجه هو المريض، وفي هذه الحالة يصعب الحديث عن خطة علاج، فلا أمل بالوصول إلى علاج شاف إلا مَن رحم ربي.

إن بعض الساسة ومُدعي الزعامة تطور بهم الأمر إلى الدرجة التي باتوا معها يعانون أمراضاً عقلية ويتخيلون أشياء لا وجود لها إلاّ في عقولهم، وإلا فكيف لعاقل أن يصف آلاف العراقيين الذين أمضوا أكثر من 4 أشهر في العراء مطالبين بتحسن أوضاعهم، بأنهم مجرد صعاليك وقطاع طرق، وكيف لآخر ألا يرى في شبان لبنان الثائرين على واقع طائفي كارثي وحياة بائسة، سوى فتية متأثرين بشخصية فاشلة ومضطربة نفسياً في فيلم الجوكر؟.

إن حالة الإنكار والوهم التي تعيشها بعض الأنظمة أوصلتها إلى فقدان الشارع وانفصالها عنه كلياً، لدرجة أنها لم تعُد ترى معها إلا ما تريد هي، وكل الذين يخالفونها الرأي والتقييم يوصفون بأنهم عصابات خارجة على القانون، عابثة بالأمن، تحركها أيادٍ خبيثة ومدفوعة من هذه الدولة أو تلك.

أحداث التاريخ تتكرر ولا أحد يتعظ، فكم من نظام رأى فيمن خرج للمطالبة بحقوقه جرذاناً سائبة في الشوارع، وعابثين بالقوانين وشراذم مدفوعة من الخارج، وفي النهاية بقي «الجرذان والشراذم» وذهب النظام برجاله وزعامته، وأحيل إلى محكمة التاريخ التي لا ترحم ولا تعرف للمجاملة والنفاق طريقاً.

إن هذه النماذج العبثية تغمض عيونها عن وجود أنظمة في المنطقة والعالم، تمكنت من الفوز بثقة شعوبها وباتت في حالة اندماج تام مع أفراد مجتمعاتها، عبر التنمية والاهتمام بمصالح الناس وتوفير سبل العيش الكريم لهم، فأنتجت حالة من الازدهار والاستقرار، جعلت الفرد أكثر حرصاً على الأمن والأمان من الأنظمة نفسها.

باختصار، إن الصعاليك وأبناء الجوكر هم من استفاد من الوضع القائم وتنعّم بالفساد السائد، وهم مَن وصل بهم الأمر إلى مرحلة المرض العقلي الناكر لحالة الانحطاط الأخلاقي التي يعيشونها، لذا فكل مَن يحاول أن يفتّح عيونهم على هذا الوضع، يكون في نظرهم صعلوكاً ومضطرباً نفسياً!

أخبار ذات صلة

الأزمة الجزائرية ـ الإسبانية.. والرّسَالة المُوريتانية
السعودية وأمريكا.. «زيارة الحقيقة»