بقلم: د. خالد رمضان - متخصص في العلاقات الدولية والدبلوماسية ــ مصر

أصبح فيروس كورونا حديث الصباح والمساء في المجتمعات العربية، فهيمن طوعاً أو كرهاً على الحوارات الأسرية داخل بيوت باتت تضج بالنشاط بعد أن أجبرنا الفيروس القاتل على المكوث فيها لساعات طوال، وأصبحت متابعة تطورات خريطة الفيروس الغامض وانتشاره أولوية يومية، وبمجرد أن تستيقظ صباحاً يبادرك الهاتف بالوجبة اليومية: عدد الإصابات والوفيات.

من المستحسن، أن نحاول فهم سلوك المجتمعات العربية إزاء قضية الصحة في عصر كورونا، باستخدام نظرية القواعد المتضاربة، إذ يخلط العربي عادة بين الحقائق الصحية والأساطير، ولا يكترث بالتدابير الصحية لمقاومة الأوبئة، وفي بعض الأحيان يسخر الأفراد من السلوكيات الخاطئة التي تحذر منها المؤسسات الطبية، بل إن البعض يتباهى باختراقها كنوع من التحدي، ومن اللاَّفت أن البعض ينكر أصلاً الفيروس ويعتبره خدعة عالمية.

كلما ارتفع معدل الأمية أو تدهور مستوى التعليم، فإنه من المستبعد أن يواكب المجتمع القواعد الصحية السليمة، والأدهى من ذلك، أن بعض المسؤولين عن تطبيق هذه القواعد أصبحوا معنيين بشيء واحد، وهو أن يثبتوا لمديريهم أن الأمور تسير على ما يرام، وأن المواطنون يتبعون التعليمات والقواعد الصحية بصرامة ولا ينتهكونها، وهذا ما يطلق عليه، طبقاً لنظرية القواعد المتضاربة، علاقة التعايش بين قواعد الحس الفطري والهياكل المؤسسية.

يتعين على المجتمعات العربية تفعيل القواعد الصحية العقلانية، وترسيخ هذه القواعد في العقل الجمعي، بحيث يتم تدمير القواعد الطبية المتوهمة، وتسريع استبدالها بقواعد طبية عقلانية، بالإضافة إلى ضرورة تطبيق القانون بصرامة ومعاقبة أولئك الذين ينتهكون القواعد الطبية الملزمة، لأن الإهمال في مقاومة الأوبئة المميتة، والتساهل في انتشارها لن يضر بحياة الأفراد ومخالطيهم فقط، بل سيضر بالمجتمع والعالم ككل.

للنشر والمساهمة في قسم الساحة: alsaha@alroeya.com

أخبار ذات صلة

فلتتوقف الحكومات عن خفض أسعار البنزين!
الدور الرئيسي لإزالة الكربون واللامركزية والرقمنة في تحول قطاع الطاقة