بقلم: عباس ابراهيم دسوقي شاعر وكاتب ــ مصر

أصبحت الشهرة في أيامنا هذه، غالباً، كوعد بلفور " إعطاء من لا يملك لمن لا يستحق!" فإنها تجعل، غالباً، أناسا من سفلة القوم، وأكثرهم جهلاً، سادة لهم أتباع ومريدون يودّون منهم ولو نظرة مختلسة، أو ابتسامة صفراء.. لقد ركد سوق العلم والعلماء، وراجت بضاعة الجهل والجهلاء، وأصبحنا نرى على الشاشات التي هي، من المفروض، منبر لأولي النُّهى وأصحاب الآراء السديدة، والذين لا يهرفون بما لا يعرفون، والذين يمتلكون المواهب الحقيقية، فبدَّل أصحاب القنوات المفروض، بل جعلوه مرفوضاً، كما استبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير، وكل هذا من أجل حصد المشاهدات.

وأختم بقصة طريفة حدثت معي، وهي: لقد منَّ الله عليَّ بأن جعلني شاعراً، ولكن الحمد الله لم أظهر على القنوات، وهذا مؤشر، لو تعلمون، عظيم!.. المهم، عرضت على أحد "المثقفين" أبياتاً من تأليفي لأرى رأيه، فبعد أن سمعها نزل عليَّ بوابل من سهام النقد، اللاذع، فكانت حالي كحال المتنبي حين قال:

فكنت إذا أصابتني سهام تكسَّرتِ النِّصالُ على النِّصالِ

استمعت له، وبكل أدب شكرته، وإن كان في القلب شيء من حتَّى، وذهبت..

وبعد ثلاثة أشهر، قابلته ثانية، وعرضت عليه الأبيات نفسها، لم تنقص فتيلاً ولا قِطميراً، ولكن بدل أن أخبره أنها لي، أخبرته بأنها للمتنبي!، فانشرح صدره، وانفرج وجهه، وابتسمت أساريره، وأخذ نفساً عميقاً، ثم قال:

أخبار ذات صلة

فلتتوقف الحكومات عن خفض أسعار البنزين!
الدور الرئيسي لإزالة الكربون واللامركزية والرقمنة في تحول قطاع الطاقة


ـــ الله.. الله.. الله، بمثل هذا تفوق المتنبي على أقرانه، وتقلد حكم ممالك الشعر العربية!

ابتسمت ابتسامة خرجت من رحم الوجع، ونظرت إليه نظرة جاءت من أقصى مكامن البؤس تسعى، ثم أطرقت قليلاً! وقلت لنفسي:

ــ للشهرة حد ليس للسيف.

للنشر والمساهمة في قسم الساحة: alsaha@alroeya.com