بقلم: شهد العبدولي كاتبة وشاعرة وإعلامية ـ الإمارات

نحن نعيش اليوم جائحة حقيقية، لا مفر منها ولا جدال فيها، أمر حقيقي جداً، وكأنك ترى فيلماً سينمائياً ولكنه حقيقي بنسبة مائة بالمائة... ننام وننهض على أرقام تتزايد، وأرواح تزهق، ومصابين يفوق عددهم عدد الأَسِرَّة في المستشفيات، كل ذلك بسبب قلة الوعي المجتمعي، واستهتار البعض بمدى جدية الوضع الراهن، وعدم تلبيتهم لتوجيهات الحكومة والقيادة الرشيدة، والتي تأتي كلها في صالح الفرد والمجتمع.

عندما تتحدث الدولة، فإن الأمر لا يستهان به، وعندما يظهر القائد ليمد يد العون للقريب والغريب والبعيد، فإن الأمر جلل، وعندما تتحد الأقوال وتتشابه الأخبار في كل مكان وزمان، فإن الأمر لا يحتمل أبداً المفاوضات والمشاورة، بل لا بد أن نصغي ونلبي النداء، ونبدأ بالأفعال قبل الأقوال والشعارات، (ملتزمون يا وطن) ويأتي هذا الالتزام من مبدأ الشعور بأن الفرد مسؤول عن الجميع وأن الجميع مسؤولية الفرد، وأن أي تصرف سلبي يظهر من الفرد فإن تبعاته السلبية سوف تصل إلى المجتمع ككل، والمجتمع هو أنا وأنت والعائلة وكل نفس تعيش على أرض هذا الوطن.

الوطن الشيء الوحيد على وجه الأرض، الذي يشعرك بالانتماء، الوطن هو تلك الأرض التي تحتويك بخيرك وشرك بضعفك وقوتك بشبابك وهرمك، بصحتك ومرضك وعافيتك، الوطن الذي يسعى جاهداً لتكون أنت على أتم الخير والصحة والعافية.

اليوم ترسم الإمارات أرقى وأسمى صور التضامن العالمي، وتبرز دور المسؤولية المجتمعية العالمية متمثلة بمقولة (الجميع مسؤول عن الجميع)، وذلك من خلال ما قدمته للعالم قبل الإمارات، فهي وقبل أن تبدأ بنفسها فقد بدأت بإرسال المساعدات الخارجية، وقامت بتقديم يد العون للبلاد المتضررة، والتي عانت وبشدة من تفشي المرض وقلة الخدمات الصحية.

وبعد أن انتشر الوباء وتفشَّى في الإمارات، فإن أول ما قامت بها دولتنا مشكورة هو نشر الوعي قبل أي شيء آخر، الوعي بمدى أهمية المحافظة على الالتزام في البيت لتفادي انتشار وانتقال المرض، وتقديم جميع المساعدات لكل من يقيم على أرضها وفي أرجائها.

أخبار ذات صلة

فلتتوقف الحكومات عن خفض أسعار البنزين!
الدور الرئيسي لإزالة الكربون واللامركزية والرقمنة في تحول قطاع الطاقة


في الإمارات ليس هناك فرق بين مواطن ووافد، بين مقيم وزائر، كل من على أرض الإمارات هو من أهلها ومن مسؤوليتها، لذلك وجب على الجميع أن يكونوا واعين وملتزمين لضمان صحة الفرد والمجتمع.

لكن لماذا التركيز على الوعي؟.. لأن الوعي هو أحد أهم أساليب تقبل المجتمع للموضوع، فبدلاً من شنِّ الحروب الفكرية والشائعات الإخبارية، تكاتفت جميع الوسائل الإعلامية لتكون صفاً واحداً لنشر المعلومة الصحيحة، والتصدي لأي أخبار أو معلومات مغلوطة قد تثير الخوف والهلع في نفس المجتمع.

إن مسؤولية الفرد اليوم تساوي مسؤولية الحكومة والدولة، فالدولة تعمل جاهدة على نشر الوعي وتوفير سبل الحد من انتشار الوباء بكل الطرق وأهمها مبادرة التعقيم الوطني، التي تأتي لتبرهن العديد من المبادئ، من أهمها: التخفيف من حدة توتر انتشار الوباء والعمل الفعلي على تأمين بيئة نظيفة خالية قدر الإمكان منه.

التعقيم الوطني جاء لتقليص خروج السكان من منازلهم، وإرسال رسائل إيجابية مبطنة مفادها: (التزم في منزلك) فنحن هنا لأجلك ولأجل أسرتك.. نحن نريد أن نُعقِّم الشوارع لك ولغيرك.. نحن نريد أن نؤمن لك أنظف بيئة تستطيع أن تتحرك فيها بدون خوف أو توتر أو قلق.

لذلك، فكل ما تريده منك الحكومة أن تكون فرداً واعياً تتحمل مسؤولية تصرفاتك، وأن تلتزم بأوامر الدولة حفاظاً على نفسك وأهلك ومجتمعك، فالجميع مسؤول عن الجميع، وهذه العبارة كفيلة بأن تشعرك بمدى جديَّة الموضوع وأهميته.

للنشر والمساهمة في قسم الساحة: alsaha@alroeya.com