هادي حداد

يبدو أن كورونا، ذلك الزائر غير المحبوب أو المرغوب، سوف يغير من شكل الخريطة السياسية الأمريكية، الثابتة والمستقرة منذ نهاية الحرب الأهلية الأمريكية وحتى الساعة، لا سيما مسألة الانتخابات الرئاسية.. ما الذي يجري؟ أولاً السؤال من حيث الموعد، فهل ستتم الانتخابات في موعدها أم سيتم تأجيلها إذا تطورت الخسائر البشرية بين صفوف الأمريكيين في الأشهر القليلة القادمة، وحدوث اضطرابات أو فوضى تؤدي إلى عدم مقدرة الدولة على تدبير شؤون الانتخابات؟ مساء الخميس الماضي، وخلال حفل لجمع التبرعات، صرح نائب الرئيس الأمريكي السابق جوزيف بايدن والذي يسعى إلى الحصول على ترشيح الحزب الديمقراطي له لخوض الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة بأن الرئيس ترامب سوف يسعى لتأجيل موعد الانتخابات الرئاسية لسبب أو لآخر.

كيف لنا أن نفهم ما وراء تصريح بايدن؟ المؤكد أن إدارة الرئيس ترامب مرتبكة بدرجة كبيرة، ذلك أن جائحة كورونا، تكاد تستأثر بكل الوقت والتخطيط للخلاص من هذا الكابوس الجاثم على صدر الشعب الأمريكي والذي أسقط نحو 50 ألف شخص، والعهدة هنا على جامعة جون هوبكنز التي تعد المسؤول الرئيس عن متابعة أرقام الضحايا.

غير أن المخاوف الحقيقية لدى فريق ترامب الرئاسي، ومن يعمل على ترتيب أوراق السباق الانتخابي، تتمثل في صورة ترامب في عيون الشعب الأمريكي.

في هذا السياق يكاد أي محلل سياسي متابع للشأن الأمريكي أن يقطع بأن كورونا اقتطعت كثيراً جداً من رصيد ترامب لدى الأمريكيين، فالرجل تعاطى أول الأمر مع مسألة كورونا باستخفاف شديد يصل إلى حد الاستهتار، بل إنه تهكم على الذين طالبوا بإغلاق سريع للبلاد، لا سيما تجاه الصين.

لاحقاً بدا وكأن الخرق اتسع على الراتق، وها هو المشهد، حيث ترامب يتخبط كل فترة بتصريح مثير للجدل عن الدواء ونوعيته، أو الأمصال وموعد ظهورها، وتكاد الحقيقة تغيب عن الأمريكيين من قبل فريق ترامب، ما يجعل حظوظ ترامب على كف القدر.

أخبار ذات صلة

الأزمة الجزائرية ـ الإسبانية.. والرّسَالة المُوريتانية
السعودية وأمريكا.. «زيارة الحقيقة»

هل بدأت بالفعل استطلاعات الرأي في تأكيد مخاوف ترامب؟ يبدو أن ذلك كذلك بالفعل، وها هي البدايات تتمثل في نتائج استطلاع الرأي الذي أجرته رويترز وايبسوس، في الفترة من 15 إلى 21 أبريل، ونشرت نتائجه مجلة نيوزويك الأمريكية، وقد أظهرت النتائج أن 47%من الناخبين المسجلين أيدوا بايدن مقابل 39% قالوا إنهم يدعمون ترامب في الانتخابات الرئاسية، ويعني ذلك زيادة نقطتين مئويتين في الدعم لبايدن منذ إجراء استطلاع الأسبوع الماضي، وزيادة 4 نقاط عن الأسبوعين الأخيرين.

لم يكن هذا هو الفوز الوحيد من نوعه لبايدن في استطلاعات الرأي، ففي أوائل الشهر الجاري أجرت شبكة "سي. إن. إن" استطلاعاً أظهر تقدم بايدن على ترامب بفارق 11 نقطة، حيث حصل على تأييد 53% مقابل 42% لترامب.

هل هذه نتائج نهائية قاطعة؟ بالطبع لا يمكن أن يكون ذلك كذلك، فعلى الرغم من الوضع المقلق للرئيس ترامب، إلا أنه عند المقاربة الجدية يبدو أكثر كاريزماتية من بايدن، لا سيما إذا استطاع في الأشهر القليلة القادمة تقديم يد العون اقتصادياً للأمريكيين لانتشالهم من الأزمة، عطفاً بلا شك على مجابهة كورونا.

يبقى في الأفق أمر أكثر إثارة، موصول بالمواجهة الأمريكية الإيرانية المفتوحة على كل السيناريوهات خاصة في ضوء التصعيد الإيراني الأخير، فهل تكون إيران ورقة نجاح ترامب في مواجهة بايدن؟ إلى قراءة قادمة إن شاء الله.