د. أسامة أحمد المصطفى

أدرك العالم كم يجب عليه أن يتغير من أجل استيعاب الصين الجديدة، وهي ترسم مسارها الخاص بلغات مزدوجة بين «الكونفوشيوسية والماوية» التي يدور في دوامتها الرئيس شي، حيث بدأت بالإفصاح عن استراتيجيتها المؤكدة، بعد أن كانت تتحرك ببطء وتعتمد على استراتيجيات طويلة الأجل.

ربما نفذ صبر بكين، أو ثمة إشارة قد مُررت لها، وكانت القصة الأكثر إثارة للدهشة هي كوفيد-19، لأن السؤال يطرح، فكيف كشفت الصين عن نفسها بكل حجمها لأول مرة منذ قرون؟، والأهم من ذلك: كيف سببت الرعب للعالم؟، ولكن ما علاقة ذلك بالبيت الأبيض؟، وكيف استفادت بكين من عزلة الرئيس دونالد ترامب كزعيم عالمي في التجارة والمناخ؟.. ربما تكون النظرية الرومانسية للسياسة العالمية قد لعبت دوراً في ذلك، فمن المعروف أنه عندما دخل ترامب البيت الأبيض، كان الرئيس الأكثر تشدداً ضد الصين منذ نيكسون، لكنه كان أيضاً شخصية شائكة في المؤسسة الأمريكية، فعندما زار الرئيس الصيني شي الولايات المتحدة في أبريل 2017، تغيرت طبيعة العلاقة بين بكين وواشنطن.

حيث قال ترامب في ذلك الوقت بلغة رومانسية إن هناك «صداقة» نشأت بينه وبين الرئيس الصيني بعد أن تناولا العشاء في منتجع «مارالاغو»، وما حدث كان تغييراً كاملًا في الخطط الأمريكية تجاه الصين في ذلك المنتجع، وما تم تسريبه فيما بعد عن الجلسة السرية هو أن قضية تغير المناخ لم تثر خلالها، وبسبب ذلك تم عزل توم بوسرت من منصبه كمستشار للأمن الداخلي مسؤول عن «المناخ والأعاصير» بعد عام من ذلك الاجتماع.

ولم تثر قضية بناء جزر صناعية في بحر الصين الجنوبي المتنازع عليها لإجراء التجارب البيولوجية، بل بالأحرى تم تقارب غريب ومريب بين الرئيسين، وإثر ذلك تمت الإشادة بالرئيس الصيني شي وباستراتيجيته، والتزمت الإدارة الأمريكية الصمت بشأن المخاوف الهندية والأسترالية والتايوانية بشأن التوسع الصيني، فيما وسعت بكين نشاطها عبر كل الاتجاهات، عبر لوحة الشطرنج الأوروبية - الآسيوية، تقدمت نحو نصر يبدو أنه متوهم.

ليس هناك شك في أن العديد من الصعوبات ستواجهها الصين مع ما قامت به في العالم، وستواجه بكين الحقيقة التي لا مفر منها، وهي أن بقية العالم سيعبر عن استيائه من قوتها من خلال توحيد غضبهم، ولكن يبقى السؤال: من سيفوز في مستقبل حرب النظرية الرومانسية للسياسة؟


أخبار ذات صلة

الأزمة الجزائرية ـ الإسبانية.. والرّسَالة المُوريتانية
السعودية وأمريكا.. «زيارة الحقيقة»