د.عبد الله الجسمي

أثار المقال الذي نشره د. شفيق الغبرا، في صحيفة القبس الكويتية العدد 16838، عن الإخوان المسلمين ردوداً متباينة، معظمها كان نقداً للمقال، وهناك نقطة لم يتم التطرق لها تفيد بأن الإخوان يُمثلون تياراً مدنياً.

المقال كُتب بروح أكاديمية غلب عليها الطابع الموضوعي والنظري ولم يلتفت إلى الممارسات العملية لهذا الحزب، وفي حقيقة الأمر لا يمثل الإخوان تياراً مدنياً، لأن قيمهم وثقافتهم تمثل مرحلة ما قبل المدنية الحديثة، فالمدنية هى ثقافة تحتوي على قيم التعايش والتسامح والإيمان الفعلي بالتعددية المذهبية والدينية والفكرية، واحترام الحريات الشخصية والفكرية وحقوق الإنسان. وهي طريقة تفكير عقلانية وعملية تتميز بالانفتاح وترفض التعصب والانغلاق والتطرف، وتقف ضد العنف والتحريض عليه وتعالج مشكلات الواقع عبر العلم والفكر الحديث.

والمدنية تعني أيضاً السعي للتطور والتقدم والتخطيط للمستقبل وليس العودة إلى الماضي، ورفض الإنجازات الحضارية التي حققها الإنسان من فكر وعلم وتكنولوجيا وثقافة، كما ذهب مُنظِّرهم الأكبر سيد قطب، ولا تعني زجّ الدين في السياسة، بل حفاظاً على قدسية الأديان نأت بها عن السياسة.

وهناك ركيزة أساسية في مدنية أي قوى سياسية تتعلق بمفهوم المواطنة، فحزب الإخوان المسلمين طائفي يقدم طائفته على غيرها، ويُقصي أصحاب الديانات الأخرى، وبذلك يضرب بعرض الحائط إحدى أبرز ركائز المدنية الحديثة، وهي: المساواة في المواطنة، وفي الوقت نفسه يلغى هذا الحزب فكرة المواطنة بسبب انتمائه لتنظيم عالمي يكون الولاء له لا الوطن.

ادعاء الإخوان للمدنية يجب ألّا ينطلي على أحد.. فهل يُعقل أن يكون الحزب مدنيّاً ولا يؤمن في الوقت نفسه بالقوانين الوضعية؟


أخبار ذات صلة

الأزمة الجزائرية ـ الإسبانية.. والرّسَالة المُوريتانية
السعودية وأمريكا.. «زيارة الحقيقة»