خالد عمر بن ققه

نُواجه في إخفاقنا ونجاحاتنا خطاباً يوميّاً، يحمل أحياناً أحكاماً مسبقة ومشاعر كراهية متراكمة، يتعلق بالقبول أو التخويل أو التسليم المجتمعي، ومن ثم القومي، وبعدها الأممي، بقيادة حتمية للشعوب، يحاول البعض أن يجعلها قدراً أو حتماً مقضياً، على النحو الذي بدا لي، فَهْماً، في كلمة الشيخ محمد متولي الشعراوي، حين قال مخاطباً الرئيس محمد حسني مبارك بعد نجاته من محاولة اغتيال في أديس أبابا، عام 1995: « يا سيادة الرئيس، لعلّ هذا يكون آخر لقاء لي بك، فإذا كنت قدرنا فليوفقك الله، وإذا كُنَّا قدرك فَلْيُعِنك الله على أن تتحمّل».

تأسيساً على ما سبق، فإن القيادة ليست دائما نعمة، ومع ذلك فإن غالبية البشر تسعى إليها، وكل في حقيقة الأمر يمارسها بطريقته الخاصة، حيث أنها تتداخل مع السلطة، بل إنها أعلاها، وأقصاها، حتى لو ضاقت مساحتها لدرجة قيادة شخص(فرد) لآخر.

غير أن هذا التبسيط لجهة تسيير السبيل من أجل فهم واضح، قد يُزيَّف وعي كثيرين لدرجة الاعتقاد أنهم قادة، أو أنه يحق لهم ذلك، بحجة داحضة، هي: أنهم والقادة بشر، ومن قال غير ذلك؟ لكن هل يحق لنا جميعاً أن نكون قادة؟.

بالطبع لا، لأن للقادة، وهنا أستعين بتعريف طوني بلير رئيس وزراء بريطانيا الأسبق كما جاء في مذكراته «مسيرة رئيس وزراء»، حين قال: «القادة يقومون بأشياء مختلفة بطبيعتها، ويخاطرون في بعض الأحيان، ويعودون إلى المبادئ الأولى، ويطرحون أسئلة عن الغاية مما يجري، إنهم يتحركون بطرائق مختلفة ومغامرة، وهم معرضون للمعاناة من إخفاقات كبيرة، ومرشحون لتحقيق نجاحات كبيرة».

قول بلير هذا يفرض السؤال الآتي: ما الذي يُميّز القَادة عن غيرهم من البشر ما داموا مثل الناس العاديين قد يواجهون الإخفاقات في السلم والحرب، ونعجز عن محاسبتهم لضعفنا وقلة حيلتنا، أو لأنه لا جدوى من المساءلة أو المحاسبة، بعد الفشل؟.

بالعودة إلى طوني بلير سنجده، من منظور غربي، وعبر تجارب ديمقراطية تراكمت لعقود، يرى أن الأهم الذي يميز القادة هو: «نظرتهم للمشكلة بطريقة مختلفة.. إنهم يلتقطون الأشياء المهمة ويُسخِّرونها»، يبدو أننا في الوطن العربي، الذي لم يعد كذلك، ندخل قيادياً ببطء شديد مرحلة النظر للمشكلات بطريقة جديدة ومختلفة عن السابق، لكن هذا لا يعني أبداً التقاطنا الأشياء المهمة وتسخيرها، لأننا لم نتفق بعد عن مسألتي الأهمية والتسخير.

أخبار ذات صلة

الأزمة الجزائرية ـ الإسبانية.. والرّسَالة المُوريتانية
السعودية وأمريكا.. «زيارة الحقيقة»