فارس الغنامي

لم نكن من قبل ندرك أنّ المسلسل الدرامي المصري «دموع في عيون وقحة»، الذي قام ببطولته الفنان عادل إمام في ثمانينات القرن الماضي، مجرد تمثيل، بل سيصبح حقيقة بعد أكثر من 30 عاماً مضت على عرضه.

ففي مشهد ينضح بالغرابة ويثير الدهشة، وفي موقف لا يتحمّل التمثيل والمساجلات، أطل علينا ــ دون مقدمات ــ تميم قطر، وهو مغمض الأنف والفم، بينما عيناه تغدوان شمالاً وتروحان يميناً، تراقبه «كاميراته»، التي كانت تجوب وترتع في جنازة ـ المغفور له بإذن الله ــ أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد، مع أنه من غير المعقول في جنازة حضرها الآلاف من المشيّعين، أن تركّز الكاميرات على شخص واحد فقط.

ففي سابقة هي الأولى من نوعها، واستغلالاً لفاجعة الوفاة وجنازة أمير الكويت، أعاد تميم قطر إطلالة العيون الوقحة، التي لم تستحيِ من قدسية الموقف وحرمة المتوفى، فظهر عبر «كاميراته» وهو يذرف دموع التماسيح، متظاهراً أنه متأثر دون غيره بوفاة الشيخ صباح رحمه الله، فكل من شاهد هذه الصورة المعدّة مسبقاً من كاميرات «قناة الخنزيرة» القطرية، أيقن إيقاناً لا مجال فيه للشك أن الصورة هي مشهد درامي من مشاهد عادل إمام في مسلسله عن «دموع في عيون وقحة».

إنها الانتهازية السياسية والتكسّب الوقح، الذي يدل على الاستهانة بحرمة الموتى، وقداسة الموقف.. ظناً منه ومن «قناته أنه سوف يستدرّ عطف شعب الخليج ودوله، ولم يعلم أن جميع شعوب الخليج تعرف صنيعه الدنيء، وفبركته المعهودة هو و«خنزيرته».

أخبار ذات صلة

الأزمة الجزائرية ـ الإسبانية.. والرّسَالة المُوريتانية
السعودية وأمريكا.. «زيارة الحقيقة»

لم يعلم تميم قطر أن دموع التماسيح التي اصطنعها ستجلب عليه وابلاً من الاستهجان، والإنكار من شعب الخليج، خاصة أبناء الكويت لاستهانته بموقف جلل كهذا.

لقد تكالب عليه المغرّدون من كل حدب وصوب، معلنين أن تمثيليته الفاشلة لم تؤثر فيهم، مستنكرين فعلته الشنيعة في جنازة حاكم أفنى حياته في خدمة الخليج وأبنائه، وكان مدافعاً عنه وعن دويلته أمام قادة الخليج والعرب أجمع.

لقد ظننت يا تميم أن الموقف سيمرّ مرور الكرام على شعب الخليج الواعي، وظننت أنه لم يزل غير مدرك لألاعيبك من قبل مع السعودية ودول الخليج ومصر، وكثير من الدول التي تفبرك لها قناتك الأخبار الكاذبة، وتدّعي عليها الأكاذيب ليل نهار دون دليل ولا برهان.

كان من الواجب عليك، ومن الاحترام و«إتيكيت» السياسة ألا تتكسّب في موقف كهذا، فأنت تملك قناة الفبركة كلها، كما كان عليك أن تختار موقفاً غير الموقف، ومكاناً غير المكان، ومشهداً غير المشهد، ودراما أخرى في مكان آخر.