حلمي النمنم

بات في حكم المؤكد أن زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، انتقل إلى رحمة الله، بعد حياة حافلة بالتطرف والإرهاب، بدأ طريقه مع جماعة حسن البنا، ثم اختلف مع مسلك قادتها وليس مع أفكارها، وشكّل مع أسامة بن لادن تنظيم القاعدة، وأقاما معاً في السودان، تحت حماية الثنائي (البشير ـ الترابي)، ثم غادرا السودان إلى أفغانستان، ولبعض الوقت انتقل الظواهري إلى جنيف، وهذا يعني أنه كان ثمة تنسيق ـ نهاية التسعينات ـ بين قادة القاعدة وجهات مخابراتية في الغرب.

وجود الظواهري وبن لادن على رأس الإرهابيين جعلني أختلف منذ منتصف التسعينات مع مدرسة في التحليل راجت في مصر، منذ اغتيال الرئيس السادات، تقول إن اتجاه بعض الشباب إلى العنف والإرهاب سببه المباشر الفقر، والحق أن هذا الاستنتاج راج رغبة في إدانة سياسات السادات الاقتصادية، وجدنا ذلك واضحاً في كتاب محمد حسنين هيكل «خريف الغضب»، لكن الظواهري لم يكن فقيراً، بل بالمعايير المصرية كان من أسرة ثرية، كان والده طبيباً ناجحاً ومشهوراً وتلقى أيمن تعليماً راقياً، لكنه منذ فترة مبكرة في حياته اعتنق أفكار حسن البنا وسيد قطب.

بعض الشباب يتجهون إلى الإرهاب باعتباره مهنة مربحة، وهكذا حال المرتزقة منهم، سواء في سوريا أو ليبيا وغيرهما، كأن يتوفر لكل منهم راتب شهري (2000 دولار)، فضلاً عن سهولة الزواج والطلاق، باختصار يتاح لهم زواج بلا عبء مادي ولا مسؤولية اجتماعية أو إنسانية، لكن من يتتبع سيرة الظواهري يجد أن العنف والإرهاب عنده كان للإرهاب ذاته، هذا إنسان كان قيد السجن في مصر بعد اغتيال السادات ولم يكن مشاركاً في الجريمة، ولكي يعجل بالخروج قام بتسليم زميل له في التنظيم إلى رجال الأمن، أتحدث عن عصام القمري، فقد تواصل معه تليفونياً وأخرج من السجن لمقابلته في موقع مهجور قريب من سجن طرة، ذهب عصام الذي كان متورطاً بالفعل في اغتيال السادات، فوجد رجال الأمن في انتظاره، فعل ذلك كي يخرج ليخدم تنظيمه أكثر، وهكذا خرج من السجن وبعد سنوات غادر مصر نهائياً.

أخبار ذات صلة

الأزمة الجزائرية ـ الإسبانية.. والرّسَالة المُوريتانية
السعودية وأمريكا.. «زيارة الحقيقة»

وعقب حادث 11 سبتمبر، كان هناك تعاون بين جهة مصرية مع الولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب، وترددت قصة وقتها بين الصحفيين الذين يتابعون هذا الملف، مفادها: أن مسؤولاً أمنياً مصريّاً طلب من نظيره الأمريكي المعاونة في الوصول إلى الظواهري الذي كان ضالعاً في محاولة اغتيال مبارك في أديس أبابا، وكان الرد: انسوه، لن يقوم بشيء ضدكم، وهو تحت السيطرة.