فينيامين بوبوف

باتت بوادر الأزمة التي يعيشها الغرب أكثر وضوحاً، وكان أوضح ما يُميزها الفجوة الهائلة التي تفصل بين الأغنياء والفقراء والتي تزداد اتساعاً.

كما أن إثبات الوجود في العصر الإلكتروني يخلق مشكلة أخرى، إذ أسهم وباء «كوفيد-19» في تسريع «رقمنة» كل شيء، ما جعل الفضاء الإلكتروني الرحيب أكثر اتِّساعاً وأهمية من أي وقت مضى، فأصبحنا كلنا متصلون ببعضنا البعض إلا أنه ما من أحد يعتبر مسؤولاً عن أي شيء.

في الدول الغربية، يفرض نقص القدرة على الخوض في مواجهة التحديات الجديدة والعجز عن تقديم الحلول الفعالة للمشكلات، الدفع بالسلطات النافذة للبحث عن «جناة وهميين» يمكن توجيه اللوم إليهم، بدعوى عدم سعيهم لتحسين الأوضاع المتدهورة، ففي الولايات المتحدة، وتحت حكم إدارة دونالد ترامب السابقة وإدارة جو بايدن الحالية، تتواصل نغمة توجيه اللوم لروسيا وتحميلها مسؤوليات كل المشاكل التي تعاني منها.

نحن في الحقيقة أمام مجتمع أمريكي لا يمكن إلا أن يوصف بأنه متناقض، فمؤخراً دعت عضو في مجلس النواب عن الحزب الديمقراطي إلى «الهجوم» على أعضاء فريق ترامب في كل مكان.

وكرر الرئيس جو بايدن عدة مرات أنه يسعى إلى توحيد الأمريكيين، وشدد على أنه رئيس الجميع، إلا أن الحقائق الميدانية أثبتت أن الأسابيع الأولى من قيادته أدت إلى تفاقم حالة الانقسام التي تعيشها أمريكا، وبات الديمقراطيون حريصين على إدانة ترامب، ولتحقيق ذلك بدؤوا الجولة الثانية من إجراءات عزله بالرغم من أنه لم يعد رئيساً وليس من المرجح إمكان إبعاده عن مشهد الحياة العامة، وهناك ميل واضح في العالم الغربي للبحث في أي مكان عن عدو داخلي أو خارجي من أجل حرف أنظار السكان عن الاهتمام بمشاكلهم الخاصة.

مؤخراً، قام الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية «جوزيب بوريل» بزيارة إلى موسكو عبر من خلالها عن رغبته في إطلاق الحوار مع روسيا بالرغم من الظروف غير الطبيعية التي تسود العلاقات بين الطرفين، فسارعت العديد من وسائل الإعلام الأوروبية لتوجيه تعليقات قاسية بشأن مهمة بوريل واتهمته بالافتقار إلى الحزم، ووصلت الأمور إلى حد مطالبته بالاستقالة.

أخبار ذات صلة

الأزمة الجزائرية ـ الإسبانية.. والرّسَالة المُوريتانية
السعودية وأمريكا.. «زيارة الحقيقة»


وبدلاً من محاولة الوقوف على الأسباب الحقيقية للأزمة الخطيرة التي تعاني منها الحضارة الغربية، يحاول بعض القادة غير البعيدين عن صناعة القرار، البحث عن كباش فداء لتعليق أسباب الفشل عليهم، وبما يجنبهم المسؤولية عن تلك المشاكل الملحّة.