عبد اللطيف المناوي

تواجه مصر تحديات كبيرة، مثل: فقدان الأراضي الصالحة للزراعة تحت ضغط الزيادة السكانية، وارتفاع مستويات البحر، واستنزاف الموارد الطبيعية الشحيحة، بالإضافة إلى نهر النيل الذي يواجه تحديات خطيرة أخيرة بسبب سد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا بسرعة شديدة، لكن تظل المشكلة السكانية هي المشكلة الأعظم لأنها تلتهم العوائد، وتضاعف من سلبية أثار المشكلات الأخرى.

وبحسب أرقام ومعدلات قطاعات الإحصاء في منظمات الأمم المتحدة المعنية بالسكان والتنمية، فإن معدلات الخصوبة في مصر سارت من 6.75 أطفال للأسرة الواحدة عام 1955 إلى ستة أطفال عام 1975 إلى خمسة أطفال في 1995 إلى 3.6 أطفال عام 2000 إلى 3.02 طفل في 2010 ليعاود الارتفاع عقب أحداث يناير 2011 ووصل إلى 3.33 طفل العام الماضي 2020.

وإذا كانت مصر خلال 200 عام زادت 100 مليون، فالمشكلة الحقيقة أنه من الآن 2021 وحتى عام 2050 ستكون الزيادة 100 مليون أيضاً لتصل إلى حوالى 200 مليون نسمة في مصر، وستتحول المشكلة إلى كارثة إذا لم يكن هناك اهتمام حقيقي بالمشكلة، وتخفيض معدلات النمو إلى حوالى مليون طفل فقط سنوياً بدلاً من 2.3 مليون الآن. ويطلب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من مواطنيه أن يستهدفوا الوصول إلى نصف مليون فقط، لكنه أكَّد عدم إصدار قوانين تلزم بالحد من زيادة النسل معتمداً على وعي المواطنين، شارحاً أن معدل نمو السكان يجب أن يتناسب مع الموارد المتاحة للدولة، ولافتاً إلى أن الزيادة السكانية تؤثر بشكل سلبي في كل القطاعات.

الملاحظ هنا أن مثل هذه الأحاديث لا تزال بعيدة عن فكر الغالبية من المصريين، التي تتركز دوائر اهتماماتها وأولوياتها وسبل حل مشكلاتها في أفلاك مختلفة تماماً، وهذه هي المشكلة الكبيرة، والحاجة هنا إلى التعاطي مع هذا الواقع للوصول إلى وضع هذا الخطر الكبير في دائرة اهتمام الناس بحق، وهذا لنْ يتأتَّى إلاَّ بالتعامل العلمي والموضوعي مع هذا التحدي.

المطلوب إذن، التعامل مع المواطن باحترام عقله ومساعدته، ودفعه إلى التفكير بأسلوب منطقي يبني على أساسه قراره، الذي سيكون حتماً في صالحه وصالح المجتمع، إن نجح المتواصلون معه في الوصول إلى عقله وقلبه.

هناك حاجة إلى وضع خطة تواصل مع المواطنين تعتمد المعلومات والحقائق والمنطق العلمي، وأن يكون اختلاف البشر في ثقافاتهم وخلفياتهم الاجتماعية والعلمية حاضراً عند التواصل معهم.

أخبار ذات صلة

الأزمة الجزائرية ـ الإسبانية.. والرّسَالة المُوريتانية
السعودية وأمريكا.. «زيارة الحقيقة»