د. مجيب الرحمن

إن المتأمل في الأحكام والنصوص الدينية في القرآن الحكيم والأحاديث النبوية الشريفة، يفاجأ بأن معظمها يحض على فعل الخيرات، فأعمال البر، كإعانة المسكين، وإغاثة الملهوف، ونصرة المظلوم، وإيتاء الصدقات، وإطعام الطعام على حبه ذوي القربى وعابر السبيل، وحسن الجوار، وبر الوالدين، وكف الأذى عن الإنسان والحيوان، وإماطة الأذى عن الطريق، وحتى الابتسامة في وجه إنسانٍ عُدَّت من أعمال الخير.

كل هذه القيم الإنسانية تبرز نبل رسالة الإسلام، فهو دين قائم على فعل الخير ونشره في المجتمع، مصداقاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم «خيركم أنفعكم للناس»، والناس هنا يشمل الجميع بغض النظر عن انتمائهم الديني أو العرقي أو الوطني.

والخير بمفهومه الواسع لا يقتصر فقط على الإعانة أو الإغاثة أو إيتاء الصدقات، بل يتمثل في كل عمل يعود بالنفع على المجتمع، وبقدر ما يتحقق الصالح العام هناك تكمن أوجه الخير، وحتى المخترعات والمكتشفات العلمية التي تعود بالنفع على المجتمع من أبحاث طبية وعلمية تساعد في القضاء على الأوبئة والأمراض، أو تقضي على آفة الفقر وتحسن مستوى حياة المجتمعات دون تفرقة بين بني البشر لا عربي ولا عجمي، لا شرقي ولا غربي، كلها تدخل في زمرة عمل الخير.

لذلك نجد أن معظم المؤسسات والهيئات الدولية والمنظمات غير الحكومية الناشطة في المجال الخيري، تعمل على مبدأ التعاطف الإنساني، وتسعى لنصرة الإنسان ومؤازرته وتلبية حاجاته، هي تعمل وفق مبدأ القيم الإسلامية، بالرغم من أن القائمين عليها ليسوا مسلمين إلا نادراً، ومن المفروض أن يكون المسلمون أولى بهذه المبادرات الخيرية، لكنهم تخلفوا عنها لتأخرهم في معظم مجالات الحياة.

أخبار ذات صلة

الأزمة الجزائرية ـ الإسبانية.. والرّسَالة المُوريتانية
السعودية وأمريكا.. «زيارة الحقيقة»

بالمقابل نجد أن واقع المجتمعات الإسلامية هو واقع الفقر والعوز، والأرقام الأخيرة تشير إلى تفاقم ظاهرة الفقر خصوصاً بعد جائحة كورونا، حيث تنتشر مظاهر البؤس والشقاء والأمية والجهل مع غياب الأعمال الخيرية من قبل الميسورين والأغنياء، وعدم وجود مؤسسات متخصصة تساعد الفئات الضعيفة، فأمتنا التي وُصفت بأنها خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر عجزت عن فعل المعروف لأبناء دينها فضلاً عن أبناء الديانات الأخرى، والتي بعثت لتكون مصدر خير للجميع قصّرت في إرسائه بين بني جلدتها، وشتان ما بين محورية عمل الخير في الإسلام وبُعد العمل الخيري عن حياة المسلمين الآن.