خالد الروسان

أحدث صعود الصين الاقتصادي عالميّاً العديد من النقاشات والجدالات بعد أن حققت بكين أرقاماً وإنجازات لافتة، كتسجيلها لأعلى معدلات النمو في العالم، واحتلالها المرتبة الاقتصادية الثانية بعد أمريكا، رغم أن كل ذلك قد حصل في ظل خصوصية تاريخية وثقافية وسياسية صينية مغلقة.

إن النقاش حول هذه المسألة يجري اليوم على مستويات مختلفة، وبزوايا نظر واعتبارات كثيرة، منها أن التقدم الاقتصادي الصيني الأخير حصل من خلال النظام الرأسمالي العالمي، حيث استفادت من موجة العولمة، خاصة في جانبها الاقتصادي والمالي، رغم أنها دولة اشتراكية تُحكم بحزب شيوعي يتبنَّى أطروحات فكرية وسياسية مختلفة، فكيف يمكن لهذا التطور الاقتصادي أن يستمر في ظل ذلك؟ كذلك فإن الجدل يدور حول مدى استعداد الصين للانفتاح السياسي داخلياً وخارجياً، كما قامت بالانفتاح الاقتصادي عل المستويين المذكورين.

يقول المراقبون، إن انفتاح الصين الاقتصادي نتج عن قيامها بمجموعة من الإصلاحات والإجراءات والسياسات الاقتصادية، الأمر الذي أدى لظهور وتشكّل طبقة اقتصادية داخلية، ترتبط معها بعلاقة متينة ومحسوبة، وكذلك إقدامها على نسج علاقات اقتصادية متقدمة مع كثير من دول ومناطق وأقاليم العالم، لكنها كانت تعلن على الدوام أن تعاونها وانفتاحها الخارجي اقتصادي فقط، حيث لا تنوي التدخل في الشؤون الداخلية للدول كما تقول.

السؤال الآن: هل يمكن للصين أن تقوم بعمل إصلاحات سياسية داخلياً، والانفتاح سياسياً بشكل كامل خارجياً؟

يجيب المختصون بأن ذلك يمكن أن يحدث داخلياً في حال لو ظهرت هناك طبقة سياسية، وبدأت تطالب بالحريات والحقوق والتعددية والمشاركة السياسية، أما خارجياً، فإن الظاهر لغاية الآن عدم إقدام الصين على ذلك، ربما لأنها لا ترغب بالتورط في قضايا العالم ومشاكله، أو غير مهتمة بنقل الثقافة والحضارة الصينية للخارج، خاصة أن سياسة العزلة التي عُرفت بها تاريخياً لا تزال مسيطرة عليها، أو لأسباب وأهداف أخرى تعرفها الصين جيداً، ولا تُصرّح بها، وتُفضل لأجلها عدم التدخل في شؤون الغير، أو التردد بتبني مبادرات سياسية باتجاهات مختلفة.

إن مسألة الانفتاح السياسي للصين داخلياً وخارجياً، باتت اليوم تحظى باهتمام كثير من المراقبين، لمعرفة المدى الذي يمكن أن تصله الصين في هذا الاتجاه، وانعكاسه على صعودها الدولي الآخذ بالازدياد والتمدد، خاصة أن الأمريكان على الجهة المقابلة يراقبون كل ذلك بدقة وحرص شديدين.

أخبار ذات صلة

الأزمة الجزائرية ـ الإسبانية.. والرّسَالة المُوريتانية
السعودية وأمريكا.. «زيارة الحقيقة»