خالد الروسان

من يراقب أداء إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على المستوى الخارجي، يرى أنها ومنذ استلامها الدَّفة سعت إلى توتير العلاقة مع روسيا، الأمر الذي دفع الأخيرة إلى الرَّد بعدد من الخطوات، منها تصعيدها مع أوكرانيا، في رسالة واضحة بأنها قادرة أن تذهب في طريق التوترات إلى حد ربما لا تتوقعه واشنطن، وعقّبت الأوساط الروسية آنذاك بأنها تتوقع الأسوأ، مثل حرب باردة جديدة - الإجراءت العدائية على كافة الصعد - مع واشنطن.

هنا نسأل: أيهما تشعر واشنطن بمنافستها وخطرها أكثر، موسكو أم بكين، وهل الرسالة من التطورات الأخيرة مزدوجة؟.. يتفق الكثير من المراقبين أن التحدي الروسي لأمريكا عسكري بالدرجة الأولى، لكنه على المستوى الاقتصادي والتكنولوجي ضعيف، لعدم امتلاكها تكنولوجيا متطورة، أو اقتصاداً قوياً، وصناعاتها لا تنافس الصناعات الغربية، أما الصين فتحديها لأمريكا هو اقتصادي بالدرجة الأولى، لدرجة أن واشنطن طلبت من حلفائها عدم التعامل مع التكنولوجيا الصينية وخاصة شركة هواوي، وهذا ما يؤكد أن الصراع بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، وتشكُل نظام دولي جديد، قد أخذ الطابع الاقتصادي أكثر من العسكري والأيديولوجي.

في قمة مجموعة السبع الكبار الأخيرة في بريطانيا، تم انتقاد الصين بشكل حاد، فقد حاولت أمريكا إظهار موقف جماعي مُوّحد ضدها يميل للمواجهة، بالمقابل، حاولت قمة الرئيسين بايدن وبوتين في جنيف، تلطيف الأجواء مع موسكو، والسعي لإبعاد روسيا عن الدخول في أي تكتل حقيقي أوعلاقة ثنائية تحالفية مع الصين مستقبلاً، وهو ما يؤرّق الغرب ويقلقه على الدوام، أوتحييدها في التنافس المفتوح بينهما، فإحداث التوترات المبكرة مع روسيا من قبل بايدن، كانت لمحاولة مفاوضتها ومقايضتها حول عدد من المسائل منها هذا الموضوع.

بالمقابل تعلم روسيا أن علاقاتها ومصالحها مع الغرب أهم من العلاقة مع الصين، وهي تحتاج لأمريكا في كثير من الملفات المهمة، في حين أن هناك الكثير من الخلافات التاريخية العالقة مع الصين وقد وصلت سابقاً إلى شبه قطيعة بينها، فقد قيل إن الزعيم الصيني ماوتسي تونغ اكتشف أن هناك ما يشبه النظرة الأوروبية تجاه الآسيويين عند الاتحاد السوفييتي، وقد تكون ذات ميول استعمارية، ما حدا به إلى تركه والتوجه نحو العالم الثالث، فالصين تعي جيداً أن روسيا تهتم بالغرب وأوروبا أكثر من آسيا.

وأخيراً، فإن مجريات الأحداث الحالية وسياق التنافسات والتفاعلات الدولية الحاصلة، تدل على أن أي حرب باردة جديدة، ستكون مع بكين وليس مع موسكو.


أخبار ذات صلة

الأزمة الجزائرية ـ الإسبانية.. والرّسَالة المُوريتانية
السعودية وأمريكا.. «زيارة الحقيقة»