محمد أبوكريشة

كل علم معرفة، وليست كل معرفة علماً، والعلم اكتساب والمعرفة فطرية، فنحن نولد مزودين بمعارف فطرية، مثل معرفة الطفل كيف يرضع، ولا فرق بين الإنسان والحيوان في المعرفة، ولكن الفرق في العلم والله تعالى يقول: «وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ» النحل (78)، ولم يقل لا تعرفون شيئاً.

وحتى العلم بالنسبة لنا سطحي، ويبدو ذلك في قوله تعالى: «يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ» الروم (7)، وقوله تعالى: «وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا» الإسراء (85).

ونحن لسنا في عصر العلم، ولكننا في عصر المعلومات والمعارف المتدفقة من كل حدب وصوب، ومعظم هذه المعلومات ظنيٌ وليس يقينيّاً، فعلى سبيل المثال الكلام عن تقدم الطب كعلم غير صحيح، فالطب تقدم كمعارف ومعلومات لكنه لم يتقدم كعلم، والأمراض والفيروسات أكثر تقدُّماً من الطب، والتقدم الذي حدث في الطب هو تقدم وسائل تشخيص الأمراض أي الهندسة الطبية من أجهزة أشعة وتحاليل وأدوات جراحة، لكن الطب العلاجي لم يتقدم خطوة، وصار الطبيب وغير الطبيب يعرفان المرض ولكن لا يعرفان علاجه.

وهكذا نحن جميعاً مرضى، لكن فريقاً منا يعرف وفريقاً آخر لا يعرف، والفرق بينهما وسائل التشخيص، أما العلاج فلا وجود له، والعلم في كل مجال اختفى تماماً أو توقف نموه ونمت المعارف والمعلومات.

والسباق بيننا ليس سباق علم، ولكنه سباق معلومات ظنية لا يقينية، والعلم شطران أو نصفان أحدهما السؤال والآخر لا أدري، والكل الآن يجيب ولا أحد يسأل، ولا أحد يقول لا أدري!

الكل يكتب ولا أحد يقرأ، والكل يقول ولا أحد يسمع، والكل جهينة التي عندها الخبر اليقين، وفي ثقافة الزحام والضوضاء ضاعت الحقائق وسط ركام الأكاذيب، وصارت هناك جرأة إلى حد الوقاحة على الفتوى والتحليل والكذب وأصبحنا في كل مجال نجري، إلى ما لا ندري!

أخبار ذات صلة

الأزمة الجزائرية ـ الإسبانية.. والرّسَالة المُوريتانية
السعودية وأمريكا.. «زيارة الحقيقة»