د. فاتح عبد السلام

ثمّة صلات مفقودة بين المواطنين العرب المسافرين إلى الخارج وكثير من سفارات بلدانهم، ولا أحد يقوم بمراجعة السفارة إلا إذا وقع في مشكلة كبيرة وطلبت منه أجهزة ذلك البلد أن يتم إعلام سفارة بلاده بما حصل له.

أسباب ذلك مختلفة ومتراكمة بعضها سياسي مبني على تواتر السماع والسمعة، وبعضها نقص في وعي الناس إزاء المؤسسات العائدة لبلدانهم والتي يمكن الرجوع إليها أو إدامة الصلة معها، لا سيما عند الإقامات طويلة الأجل في الخارج.

في العالم تختلف الصورة، فمثلاً حين يتدهور الوضع الأمني في بلد، تقوم وزارة الخارجية في بعض الدول، بإصدار بيانات تحذير من السفر إليه، كما يحدث اليوم في التحذير على موقع الخارجية البريطانية لجميع رعاياها المغادرة فوراً وعدم السفر إلى أفغانستان مهما كانت الأسباب.

هناك عنصران هما الثقة بالنداء الحكومي والتثقيف على اتباع المرجعيات الصحيحة للمواطن الأوروبي عند السفر.

المواطنون العرب الذين يجوبون أصقاع العالم، لا تحضر في أذهانهم مراجعة سفارات بلدانهم، وتسجيل وصولهم إلى البلد وعناوينهم التي تفيد عند أحوال الطوارئ إلا القليل منهم.

ويروي لي دبلوماسي عربي في بلد أوروبي أنه حاول أن ينشئ عدة بيانات أولية بسيطة، ربما تحتوي على اسم مواطن بلده المقيم وعنوانه العام مثل اسم المدينة فقط، إذا لم تكن التفاصيل الأخرى متاحة، لكنه تفاجأ باستهجان تصرفه من موظفين ودبلوماسيين معه في السفارة نفسها، واتهموه بممارسات ذات طبيعة أمنية مزعجة، في حين أنه كان يروم الإحاطة بالطلبة المنتشرين في جامعات ومعاهد ذلك البلد للدراسة، ولتذليل صعوباتهم، وتحقيق صلة معهم، لفتح سبل المساعدة عند الحاجة إليها، فاضطر الدبلوماسي إلى ترك مبادرته وسد هذا الباب الذي هبّت من خلاله رياح الاتهامات ضده.

أخبار ذات صلة

الأزمة الجزائرية ـ الإسبانية.. والرّسَالة المُوريتانية
السعودية وأمريكا.. «زيارة الحقيقة»


ويروي الدبلوماسي ذاته أن الخارجية في بلاده بعد أيام طلبت تحقيق الصلة مع طلبة مبتعثين كانت عناوينهم مجهولة للملحقية الثقافية تماماً في السنتين الأخيرتين، لا سيما خلال الجائحة، ولجأت جميع السفارات العربية إلى الأسلوب الإلكتروني في التعاملات الخدمية القنصلية للرعايا في الخارج، وهذا جعل الصلة تعود للتحقق بين المواطن وسفارة بلاده عبر البوابة الإلكترونية، وهي خطوة لإدامة المعلومات التحذيرية والنفعية والخدمية التي تنير الطريق أمام المواطنين العرب الذين، ربّما ورث بعضهم تركة ثقيلة من التصورات المرعبة عن السفارات العربية، بوصفها مراكز تجسس وتعقّب للمواطنين، وأنّ دخول دوائرها مغامرة غير محسوبة.

هناك دور إعلامي وتثقيفي معطل أو بطيء أو غائب غالباً، في الدوائر التابعة للخارجيات العربية، ولا بد من إعادة النظر فيه.