د. فاتح عبد السلام

منحت الشركات والحكومة في بريطانيا في السنوات القليلة الماضية، عروضاً تشجيعية من أجل توجه الناس إلى اقتناء السيارات الكهربائية كلياً أو جزئياً، في استعداد واضح للوصول إلى عام 2030، الذي تتوقف عنده بريطانيا عن إنتاج سيارات جديدة أو استيرادها خارج مواصفات التشغيل الكهربائي.

كانت الشركات تمنح 5 آلاف جنيه استرليني لكل موظف لديها يقتني سيارة كهربائية، ثم قدّمت الحكومة البريطانية 300 جنيه استرليني عند تركيب شاحن كهربائي للسيارات في المنازل، وهو ما يقرب من ثلث كلفته في السوق التجاري.

ومقابل هذا التوجه العام، فإنّ البلاد لا تزال شوارعها وشركاتها مغمورة بسيارات تسير بالديزل والبترول على نطاق واسع ومن موديلات حديثة وبأسعار عالية، ويكاد المرء لا يصدق كيف ستصبح هذه السيارات باهظة الأثمان بعد فترة وجيزة من دون قيمة تجارية، وقد تختفي بعد ذلك للأبد.

الآن يشتد التنافس بين شركات توزيع المحروقات والوقود على نشر نقاط الشحن الكهربائي العامة في الشوارع في أنحاء البلاد، فقد نشرت شركة النفط البريطانية (BP)، 7 آلاف نقطة شحن عامة، وقررت شركة shell نشر 5 آلاف نقطة في أول استثمار لها، وكل ذلك يجري استباقاً ليوم تبدأ فيه محطات الوقود التي تمتلكها هذه الشركات النفطية الكبيرة بتقديم خدمات أخرى غير تعبئة الوقود في خزانات السيارات.

وبرغم ذلك لم تستطع كل دعايات الترويج للسيارات الكهربائية في بريطانيا أن تحقق أهدافها الطموحة، كما حقق الفعل الدعائي غير المقصود خلال أزمة سائقي شاحنات نقل الوقود التي تجتاح بريطانيا منذ أيام، ذلك أنّ الأزمة لفتت الانتباه إلى أهمية السيارات الكهربائية التي بإمكانها أن تنجو من أزمة كارثية تعطلت فيها ملايين السيارات عن العمل أو سارت في أدنى مستوياتها مع نقص الوقود، الذي تسبب في هدر وقت الموظفين وكوادر الصحة والخدمة العامة، بسبب انتظارات طويلة في الطوابير.

وفي جانب آخر، لفتت الأزمة الانتباه إلى قطاع السائقين لما له دور في تسيير عجلة الاقتصاد الوطني، والذي لم يكن قد نال الاهتمام المناسب من قبل، إذ اتجهت الحياة الخدمية والوظيفية إلى اعتماد كبير ومتسارع على المكننة الإلكترونية في البيع والشراء والتحويلات المصرفية، وحتى السيارات وُضعت على جدول مواعيد تكون فيها من دون الحاجة للوقود العادي.

أخبار ذات صلة

الأزمة الجزائرية ـ الإسبانية.. والرّسَالة المُوريتانية
السعودية وأمريكا.. «زيارة الحقيقة»


لكن بقي قطاع الأغذية وتسويقها واستيرادها، لا يمكن تعويضه بأي وسيلة سوى تنمية قطاع سائقي الشاحنات على نحو سريع، قبل أن تتسع الأزمات وتصل إلى النقص في إيصال المواد الأساسية للحياة.