مارك لافيرني

أثارت الصفقة الغامضة التي توصلت إليها السلطات الحاكمة في دولة مالي مع «مجموعة فاغنير» الروسية شبه العسكرية، كثيراً من الشكوك. ومهما كانت الحقيقة الكامنة وراء الصفقة، فإن تلك السلطات يبدو وكأنها تبحث عن أساليب تضمن لها استعادة الاستقرار الأمني والقدرة على العمل تحت سقف القانون في وطنها، الذي يعاني من التهديدات المتزايدة للفصائل المتطرفة. وبات من الواضح أن عملية برخان العسكرية التي أطلقتها فرنسا منذ بضع سنوات فشلت في التصدي لأخطار الهجمات المتكررة لتلك الفصائل التي تسيطر على معظم مناطق البلاد.

وفي رأيي، إن القضية لن تنطوي على الكثير من الخطر لو نجحت تلك المجموعة في تحقيق الهدف المنشود، إلا أن تجربة مشابهة يعيشها الآن مواطنو جمهورية أفريقيا الوسطى توحي ببعض الشكوك حول قدرتها على تحقيقه.

لا شك أن «مجموعة فاغنير» هي أداة جديدة لعودة روسيا على نطاق واسع إلى أفريقيا. وبات من الواضح أن مصادر وثروات القارة السمراء من المعادن والمحاصيل الزراعية أصبحت موضع تنافس شرس بين الشركات الاستثمارية والقوى الأجنبية منذ بداية القرن الـ21 الذي وصفه البعض بأنه «القرن الأفريقي» بامتياز.

ولقد أدى اختفاء منظومة القوى الاستعمارية السابقة، وحاجة الدول المتزايدة للمعادن الاستراتيجية، والنمو المتزايد للاستهلاك، والعمالة الرخيصة في أفريقيا إلى تعزيز قوة التنافس على القارة.

والسؤال المطروح: أين تقف روسيا من هذه المنافسة؟

لا شك بأن روسيا، بالمساحة الشاسعة لأراضيها، تحتوي على الكثير من الموارد والثروات الدفينة التي لم يتم استغلالها حتى الآن. وهي تنعم بتصدير النفط والغاز. وبالمقارنة مع الصين وبعض الدول الصناعية الكبرى، لا يبدو أنها مهتمة كثيراً بالبحث عن المواد الخام الاستراتيجية لتدعيم إنتاجيتها الصناعية.

أخبار ذات صلة

الأزمة الجزائرية ـ الإسبانية.. والرّسَالة المُوريتانية
السعودية وأمريكا.. «زيارة الحقيقة»


وربما يرتبط هدفها الحقيقي بالتحكم التام بالطرق البرية الرئيسية، بدءاً من مواقع قريبة من جمهورية أفريقيا الوسطى، وتؤدي إلى الطرق البرّية للمهاجرين والمهربين والتي تمتد من دول الساحل الأفريقي حتى شواطئ البحر الأبيض المتوسط ومنه إلى بلدان أوروبا.

وهكذا، سوف تتمتع روسيا بالنفوذ القوي في أفريقيا، والذي سيمنحها نفوذاً موازياً للاتحاد الأوروبي، وهذا يعني بكلمة أخرى أن تحقيق النصر في المواجهات التنافسية العالمية، لم يعد يكمن في القوة والكفاءة الاقتصادية والتقدم التكنولوجي فحسب، بل يرتبط أيضاً بالتحكم بالمعابر البرية والبحرية.