عبدالجليل معالي

في تونس، ضاعف المتضررون من قرارات 25 يوليو الماضي تحركاتهم، التي تنوعت بين التظاهرات والحملات الإعلامية والتخويف من الاستبداد، والاستقواء بالخارج. تحول الأمر في الأيام الأخيرة إلى ما يشبه الهستيريا السياسية، حين أصبح كل قرار أو حدث يوظف بوصفه موضوع قصف للرئيس قيس سعيّد.

تحاول حركة النهضة جرّ قيس سعيّد إلى أحد احتمالين، إما أن يقبل بتسوية تعيدها إلى المشهد، سواء من خلال إعادة البرلمان المجمد أو تشريكها في الحوار المرتقب، أو أن يضطر إلى إهداء الإسلاميين مقوّمات مظلومية جديدة تسعفهم بتعاطف جديد لدى الجماهير التي انفضت من حولهم. لكن الواضح أن سعيّد يتمترس بالقانون لمراوغة الزاوية التي تدفعه النهضة إليها. لن يقبل سعيّد بأي مقايضة مع النهضة، ولن يندفعَ نحو خطأ ضد الحركة يعيد إنتاج مظلومية الإخوان.

ومع ذلك يواجه سعيّد خطر رفع خصومه منسوب استهدافه على أكثر من مسار وبشكل متوازٍ سياسياً وإعلامياً وشعبياً بشكل يدخله في متاهة تتيح لحركة النهضة أن تستعيد أنفاسها وتفرض تعريفها لحدث 25 يوليو على أنه انقلاب.

ليست المظاهرات الحاشدة ما يمكن أن ينقذ سعيّد من أحابيل الإخوان، بل إن نجاته من العقبات التي تضعها النهضة في طريقه تكون بذهابه إلى القضايا التي تهمّ الناس. ينجو سعيّد من خطر النهضة حين يولي مشاغل الناس ما تستحقه من اهتمام، ولذلك فإن إعلان الحكومة ومباشرتها العمل على الاقتصاد والصحة هو مدخل لهذا المسار. وهذا ما يقرب سعيّد من أنصاره ومن الأحزاب التي تدعمه ومن المنظمات الوطنية مثل الاتحاد العام التونسي للشغل.

أما في ما يخص التعامل مع أحزاب المنظومة السابقة فإن تطبيق القانون والقطع مع الإفلات من العقاب، وبدء التأسيس الفعلي لمرحلة سياسية جديدة بضبط مواعيد الانتخابات أو الاستفتاء، هي كلها ضمانات تقطع الطريق أمام الهستيريا الراهنة.

حركة النهضة تتوجس من تطبيق القانون ولعل الحديث مؤخراً عن الإمكانية القانونية لحل حزب حركة النهضة في حال ثبوت تلقي الحركة تمويلاً أجنبياً هو أرق جديد أصبح يقضّ مضاجع قياداتها.

أخبار ذات صلة

الأزمة الجزائرية ـ الإسبانية.. والرّسَالة المُوريتانية
السعودية وأمريكا.. «زيارة الحقيقة»


تطبيق القانون وتوضيح المسارات السياسية والاقتصادية المقبلة، هو ما يمكن أن ينقذ سعيّد من الخطرين: خطر النهضة، وخطر تردد إجراءاته.