خالد الروسان

إنّ من يراقب ما يجري اليوم على الساحة الدولية، يلحظ ظهورعدة أحلاف وتكتلات دولية وإقليمية، بعضها إحياء لتجمعات سابقة، وأخرى جديدة تبرز بشكل سريع ومفاجئ، ومنها ما يجمع فرقاء مختلفين. لكن، لماذا يحدث كل هذا في المشهد الدولي؟

في الواقع، ربما يدل ذلك على شدة الصراعات والاستقطابات الدولية الحاصلة اليوم، وفوضوية النظام الدولي، وعدم ثقة الأطراف الدولية ببعضها، وعدم قدرة أي طرف أو جهة دولية على حسم الصراع والتنافس الحاصل لوحدها، عدا عن المحاولات المحمومة للاستئثار بالكعكعة الاقتصادية العالمية، خاصة بعد تعاظم دور العامل الاقتصادي، إضافة إلى حصول متغيرات جديدة في الساحة العالمية منها: ظهور فواعل جدد مؤثرون كالشركات والمنظمات والجماعات والأفراد وغيرها.

بالمقابل، نلحظ أنّ بعض هذه التكتلات والتجمعات غير مؤثّر أو فعّال، فبعضها يضمُ أعضاء متناقضين في المصالح وبينهم صراعات تاريخية، كمنظمة شنغهاي للتعاون التي تضم دولاً مثل: الصين والهند وباكستان وروسيا، وأخرى آخذة بالتفكك والتراجع كالاتحاد الأوروبي، وثالثة تظهر بشكل مؤقت بهدف المناكفة وبعث الرسائل السياسية المختلفة كالذي يجري في شرق المتوسط، عدا عن حصول تناقضات وصراعات داخل التحالف الواحد كما في سوريا أو ليبيا بين أمريكا والأطراف الدولية المختلفة، وبعضها قد يكون المقصود منه التأثير على قطب دولي كبير مثل الصين، لإرضاخه لقواعد لعب دولية معينة مثل تحالف أوكوس بين أمريكا وبريطانيا وأستراليا، وقد تُعطّل أو تُجمّد أو يزول بعضها بأي لحظة.

إنّ آراء المدرسة المثالية في تفسير العلاقات الدولية، ودعوتها لإنشاء حكومة مركزية عالمية وقانون دولي مرجعي، وقوه عسكرية دولية مُلزمة للحفاظ على الأمن العالمي، ومنع الحروب والتقليل من الصراعات، وتقديم التعاون الدولي كبديل عن ذلك وغيرها، غير واقعية أو موضوعية أو قابلة للتحقق في ظل ما يجري اليوم، حيث تُشكّل المصالح والسعي للقوة والسيطرة والنفوذ مقدمة ما يُحرّك الدول والأحلاف والتجمعات.

من هنا، فإنّ المشهد الدولي الحالي قد يبدو أكثر تصارعاً وتنافساً وغموضاً من المشاهد الدولية السابقة، وذلك لكثرة ما يجري فيه من تمترسات واستقطابات دولية وإقليمية، وتشكّل للأحلاف والتكتلات، وما لم ينتبه له البعض ربما، أنّ الشعوب والمجتمعات والبشرية ككل، هي من ستدفع ثمن ذلك ونتائجه في النهاية.


أخبار ذات صلة

الأزمة الجزائرية ـ الإسبانية.. والرّسَالة المُوريتانية
السعودية وأمريكا.. «زيارة الحقيقة»