محمد زاهد غول

لا يتوقف الحديث عن تنافر مصطلحات النهضة الحديثة في بلاد المسلمين، والتي تسعى للتغيير والإصلاح، منها مصطلحات التنوير والحداثة والعقلانية والعصرنة والعلمانية والقطيعة مع الماضي أو القطيعة مع التراث، وكلها مصطلحات فكرية فلسفية مستوردة، حيث إن أكثر النماذج العالمية نجاحاً في النهضة وإبداعاً مصطلحاتها كانت في أوروبا.

وعند محاولة بعض المفكرين المسلمين الدّعوة إلى هذه المصطلحات واستعمالها في أفكارهم وكتبهم، واجهوا صعوبة في إنزالها على أرض الواقع في بلادهم، بسبب الجذور الثقافية المختلفة بين الحضارات، كما واجهوا صعوبة في تمريرها بين المفكرين الذين يستندون إلى التراث ويكتفون بالتمسك بالتراثية منها، وواجهوا دعوى اختلاف الظروف والأوضاع السياسية والفكرية بين بلاد المسلمين وأوروبا.

وبعد نحو قرن كامل، لا تزال معركة المصطلحات قائمة، ولكل منها ساحته الفكرية، ومن أكثرها إشكالية كان مصطلح «التنوير»، حيث يتعامل معه البعض كقالب ثابت ومفهوم ملزم وغير قابل للرفض أو التعديل، وهو ما يرفضه الآخرون، حيث يعتبرون الاستيراد في المصطلحات الأجنبية وفي العلوم الإنسانية تحديداً غير ممكن، فكيف إذا أريد له أن ينتشر في أوساط شعبية متوسطة التعلم والثقافة؟

فالأوساط الشعبية غير منتجة للأفكار الإبداعية، وهذا يجعلها تنظر إلى كل ما هو مستورد بأنه ضد المعتقدات الدينية، وهكذا واجه سؤال التنوير في الساحة الفكرية عند المسلمين رفضاً كبيراً، حيث لم ينجح رواده في بلاد المسلمين من تقديم أنفسهم كمشروع فكري منهجي حديث وحداثي.

وعدم النجاح في العقود الماضية لا يعني فقدان الأمل، لأن سؤال التنوير يمثل مصيراً حتمياً وليس فرضية فكرية يمكن الاستغناء عنها.


أخبار ذات صلة

الأزمة الجزائرية ـ الإسبانية.. والرّسَالة المُوريتانية
السعودية وأمريكا.. «زيارة الحقيقة»