شيء طبيعي أن نرى هذا الخلاف السياسي ليس فقط لأن الحركة بدأت تواجه مأزقاً في التمويل بعدما تم التضييق عليها عالمياً، وليس على مستوى الدول العربية الداعم الفعلي والحقيقي للقضية الفلسطينية وللحق الفلسطيني، وإنما لأن المصالح السياسية بين قادة حماس اختلفت بسبب حالة الوعي الذي وصل إليه الشعب الفلسطيني، بأن الهدف النهائي لقادة الحركة ليس خدمة الشعب بقدر أن هؤلاء القادة أصحاب مصالح ويستخدمون القضية وسيلة لتحقيقها أو أنهم قبلوا أن يكونوا أذرعاً وأيادي لدول أجنبية في خلافاتها غير المباشرة والصريحة، وهذا ما يدعو هنية لأن يتمسك بموقفه، مع أنه يدرك أن تلك الدولة في الحقيقة لا تريد حلاً نهائياً للقضية وللشعب الفلسطيني.
ومثلما كانت خلافات قادة القضية الفلسطينية سبباً في معاناة الشعب الفلسطيني على مدى العقود الماضية وفي عدم إيجاد مخارج سياسية لحل القضية رغم كل المحاولات التي بذلها المجتمع الدولي والدول العربية وخاصة مصر التي استضافت مؤخراً، عدة جولات للمصالحة، فإن الصراع الجديد أو بالأصح التناحر السياسي بين قادة حركة حماس سينعكس سلباً على حياة أهل غزة بزيادة «الطينة بلة»، ويعقدون المشهد الإنساني أكثر مع أن الجميع كان ينتظر منهم وعياً سياسياً أكبر فالتحديات واهتمامات السياسيين في العالم تغيرت أولوياتها وتركوا حل القضايا الثنائية في مسؤولية أصحابها.
ليس هناك تعليق مناسب أمام أي مراقب لتطورات هذه القضية العادلة سوى أن أصحابها لا يجيدون الدفاع عنها، بل يتسببون في المزيد من الخسائر في الوقت الذي ينتظر الشعب الفلسطيني لأن يعيش بشكل طبيعي وبعيداً عن الأزمات والمشاكل التي يختلقها قادته أكثر من خصومه.