علاء الدين حافظ



ثمة عامل يؤكد أن عالم ما بعد الحرب الأوكرانية، يختلف تماماً عن عالم ما قبلها. هذه الحرب أعادت حلف الناتو من حالة الموت الإكلينيكي إلى الحياة مجدداً. ومثلما يدور الحديث بصوت عالٍ عن إمكانية ضم دول الـ«ويتنج لست» إلى الناتو، في ظل استشعار الجميع أهمية المظلة الجماعية لحماية الدول. الأمر الأخطر الذي يواجه الناتو يتمثل في الوقت الذي تستطيع انتظاره الدول المؤهلة للدخول إليه.

رأس الذئب الطائر في أوكرانيا شبح يؤرق الدول الواقفة على أبواب الناتو. حتماً هذه الدول لن تنتظر مصير أوكرانيا. إذاً السيناريو البديل أمامها البحث عن تحالفات أخرى. في الوقت نفسه هناك صعود متنامٍ للكتلة الشرقية. الصين تغازل الجميع دون استثناءات. روسيا لا تدخر جهداً في سبيل خطب ود الدول، خاصة تلك التي يطلق عليها دول الحياد. في تقديري فإن الوقت الراهن يحتاج إلى توسع الناتو إلى «الناتو بلس» على غرار ما حدث مع منظمة أوبك من قبل. شرط أن يكون هناك رغبة حقيقية من داخل الناتو في التعاطي مع التداعيات المستقبلة للحرب الراهنة. لكن الإشكالية هل يقتصر التوسع على دول الاتحاد الأوروبي أم ستشمل دولاً أخرى من خارج الاتحاد الأوربي.

الحرب الأوكرانية كشفت بجلاء أن الأمن القومي الأوروبي في خطر. كيف يمكن حماية الأمن القومي الأوروبي وغالبية الدول الأوروبية تستورد النسبة الأكبر من نفطها وغازها من روسيا. ومن هنا يبرز سلاح الطاقة. الحل الذي بدأت تفكر فيه أوروبا بالاتجاه نحو توليد الطاقة من المحطات النووية حل مؤقت وتكاليفه المناخية باهظة على العالم. الواقع الراهن يفرض على الكتلة الغربية تأمين مصادر الطاقة من «دول صديقة».

أمام حاجة أوروبا الملحة للطاقة في السنوات المقبلة، وأمام أيضاً تنامي الدور الصيني والروسي، في عالم ما بعد الحرب الأوكرانية، قد يتجه الناتو إلى إلى فكرة توسيع عضويته من الدول النفطية الصديقة، بصرف النظر عن موقعها على خريطة الجغرافيا. قد يرى كثيرون أن هذا الطرح غير واقعي، ومبررهم في ذلك، أن الناتو قد يفكر في توسيع عضويته بدلاً من الاتجاه إلى هذا الطرح. مردود على ذلك أولاً: المعطيات الراهنة تشير إلى عدم رغبة الناتو في توسيع مظلته العسكرية لما يمثله ذلك من أعباء اقتصادية وعسكرية. ثانياً: الدول الأوربية الراغبة في الانضمام لن تحقق له توازن الطاقة، فمصالح الحلف الراهنة تستوجب البحث عن تأمين مصادر الطاقة بعد عودة شبح الحروب لأوروبا مجدداً. ثالثاً: الناتو يرغب من الأعضاء الجدد في توفير مصادر الطاقة في مقابل منحهم مميزات العضوية داخل الناتو باستثناء المظلة العسكرية. على كلٍ فإن خريطة التحالفات التي ستتشكل مستقبلاً مفتوحة على كافة السيناريوهات.


أخبار ذات صلة

الأزمة الجزائرية ـ الإسبانية.. والرّسَالة المُوريتانية
السعودية وأمريكا.. «زيارة الحقيقة»