عزة سند

أكد فنانون وجمهور دراما، أن هناك إصراراً من صناع السينما العربية على الاستمرار في تقديم الصورة النمطية للجنسيات العربية المختلفة، مشيرين إلى أن هذا الأمر يعود إلى غياب الموضوعية والالتصاق بالفكر النمطي.

وذكروا أن الصورة الكاريكاتورية التي ترسمها هذه الدراما للجنسيات المختلفة تجافي الواقع، مستشهدين على ذلك بصورة الشخصية الخليجية في الدراما العربية والشخصية المصرية في الدراما الخليجية والتي حصرتها في "الفهلوة" وعدم الجدية في العمل.

ودعوا صناع الدراما والسينما إلى ترويج جيد عن بيئتهم وشخصياتهم الحقيقية، مؤكدين أن على المخرج والمؤلف والممثل تحمل مسؤولية التعامل مع هذه القضية بجدية منعاً لسوء الفهم، الذي قد يتطور إلى إثارة الجدل كما حدث مع شعبية الكرتون لحيدر بن محمد عندما أخطأت شخصيات العمل في نطق اللهجة السودانية، الأمر الذي دفعه إلى الاستعانة بخبير بها.

وطالبوا بحذف الأدوار هذه من الأعمال، حتى ولو كان لها تأثير على السياق الدرامي، مشيرين إلى أن الحرص على المشاعر وعدم إثارة حفيظة المشاهد، أهم من السياق الدرامي، داعين في الوقت نفسه الجمهور إلى التحلي بالثقافة والوعي منوهين بأنه في النهاية دور درامي لا يستحق كل هذه البلبلة.

تعامل حذر

وترى المخرجة الإماراتية هناء الشاطري أن الحساسيات تأتي نتيجة "إقحام" شخصية في العمل الدرامي بشكل ما يسيء للمجتمع الذي يتعلق بها، داعية إلى الاستغناء عن هذه الشخصية إن لم تكن مؤثرة في مسار الدراما منعاً لإثارة الضغينة بين الشعوب والفتنة في وقت نسعى فيه إلى الاتحاد والتعاون والمحبة والتسامح.

أخبار ذات صلة

جي ريتشي يخرج النسخة الواقعية من هيركيوليز
أميرة «ديزني» في «ذي برينسس».. مقاتلة شرسة لا تنتظر من ينقذها


وتؤكد أنها ومن واقع خبراتها كمخرجة تولي اهتماماً شديداً بمثل هذه الأمور فإن كان لا بد من وجود هذه الشخصية فيتعين التعامل معها بحذر وعدم توجيه أي إساءة لها وأداء شخصيتها بالكثير من الذوق والاحترام والأدب.

وتعود الشاطري لتؤكد أن ثقافة المشاهد تتحكم بشكل كبير في نظرته للمشهد وتحليله للموقف، فالمشاهد الواعي يصبح أكثر استيعاباً لأبعاد المشهد التاريخية أو الاجتماعية لا سيما لو تناول المسلسل فترة زمنية معينة وعبّر عن وضع كان يحدق بالفعل، مؤكدة أن على المخرج يقع دور كبير في تناول الشخصية بشكل لا يسيء لأبناء الدول الشقيقة.

مسؤولية الممثل

يراعي الفنان الإماراتي عادل عبده حمرا الذي ارتبط اسمه بتجسيد الكثير من الشخصيات غير الإماراتية، مشاعر المشاهدين خلال أدائه أدواراً لأبناء جنسيات أخرى فلا يحاول التجريح أو الإهانة أو السخرية، مؤكداً أنه يظل حريصاً على تقديم كوميديا مهذبة.

وأشار إلى أنه وطوال مسيرته لم يتلق انتقاداً من الجمهور بل جنى ثمار ذلك محبة وسعادة وارتياحاً من أبناء هذه الجالية أو تلك وتشجيعاً على تجسيد المزيد من الأدوار المماثلة.

ويعتقد حمرا أن المسؤولية لا تقع فقط على عاتق المخرج بل والممثل أيضاً، ضارباً مثالاً لذلك عندما عرض عليه أداء شخصية ما لأبناء إحدى الجاليات الموجودة على أرض الدولة، إلا أنه وجدها مكتوبة بشكل قد يثير الكثير من الجدل والضجة، فما كان منه إلا أن أقنع المخرج بضرورة تغيير نمط الشخصية فاقتنع وترك له أمر أدائها بما يراه مناسباً.

ويلفت إلى أنه ليس مع طرح كل شيء حتى لو كان صحيحاً تاريخياً ما دام أنه سيؤذي مشاعر البعض، مؤكداً أن على الكاتب تغيير النص وعدم "التنبيش" في سلبيات الشعوب من أجل الخروج عليهم بما يؤذيهم.

تخطٍ وتجاوز

ويستغرب الفنان سعيد الشرياني، من أن العرب يشكون من أن الآخر لا يفهمهم جيداً، متسائلاً كيف يفهمنا، ونحن لا نفهم أنفسنا؟ مؤكداً أن الصورة الذهنية للعرب لبعضهم البعض ليست على ما يرام، فكثيراً ما جاء الخليجي الثري شهوانياً، وتأتي المرأة العربية مربية مسنة أو معلمة تعمل ليل نهار أو باحثة عن زوج خليجي ثري مهما كان عمره.

ودعا الشرياني القائمين على الأعمال الدرامية إلى فلترة الأعمال الفنية المختلفة، وإبراز صورة مشرقة لا تثير الفتنة بل على العكس تعزز القيم النبيلة التي تربينا عليها حتى لو كان الدور يخدم السياق الدرامي، فهناك ما هو أهم من خدمة السياق الدرامي وهو الحرص على المشاعر وعدم إثارة حفيظة المشاهد.

ومن جانب آخر، يدعو الشرياني المشاهد إلى التحلي بالثقافة والوعي اللازم لتخطي مثل هذه الأمور وعدم التدقيق فيها لأنها في النهاية دور درامي، داعيهم إلى السير على مبادئ التسامح التي أرستها دولة الإمارات.

وتؤكد عائشة الكعبي ـ موظفة ـ على أهمية الفن في سبيل تحقيق الرقي في التعامل والأخوة بين الشعوب العربية، مبدية تحفظها على صورة الخليجي في الدراما العربية.

وأشارت إلى أن وراء هذه الصورة الكاريكاتورية جهلاً بحقيقة المجتمع الخليجي، حيث لم تركز إلا على الأنماط السيئة والمهينة فيه.

وذكرت أن الدور الكبير والخطير الذي تلعبه الدراما في فكر وسلوك أفراد المجتمع ونظرتهم للآخر يتطلب وعياً أكبر ورؤية واضحة وشفافة ومسؤولة لما يقدم من إنتاج درامي عربي.

جرح عميق

وفي المقابل تؤكد الإعلامية المصرية وفاء طولان على غياب الموضوعية لدى العرب عموماً، فالمصري في الخارج أيضاً تؤخذ عنه صورة نمطية بأنه فهلوي أو أفاق أو غير جاد في عمله، على الرغم من أنها صورة غير صحيحة.

وأشارت إلى أن العرب يتأذون من صورتهم في الدراما العالمية، الأمر الذي يستدعي التزامهم بالموضوعية في تناول الشخصيات على مستوى الدراما العربية، وإلا لا يحق لهم الشكوى من الصورة النمطية السيئة للعربي في السينما العالمية.

وتناشد طولان القائمين على الأعمال الدرامية بمزيد من الحرص والتقدير وعدم توجيه الإهانة أو وضعه في صورة من الممكن أن تغضب أبناء جاليته.