د. شهد الراوي

لاند سكيب

خلال الأسبوع الماضي، شهد العالم حدثاً عربياً استثنائياً، وراقب الملايين، بل المليارات لحظة انطلاق مسبار إلى المريخ مسبوقاً بعد الأرقام العربية وصولاً إلى اللحظة التاريخية، رحلة الانطلاق.

وبعيداً عن كل المهام العلمية لهذا المسبار، اكتفت وكالة الفضاء الإماراتية الفتية بصفة «الأمل» لتطلقها عليه، وهذا «الأمل» لا يعني أكثر من الانتصار على اليأس من كوننا شعوباً تعيش خارج العالم الحديث، وهذه الرسالة المختصرة والمكثفة بكلمة واحدة، هي أفضل تقدير لأنفسنا ولمعرفة موقعنا في خارطة الإنسانية ومنجزاتها العلمية.

كان صوت مذيعة قناة الإمارات واضحاً وهي تردد مع لحظات الانطلاق «إن هذه الخطوة تعد استكمالاً لجهود العلماء العرب والمسلمين التي شهدتها بغداد في القرن التاسع الميلادي، عندما كنا نتصدر العالم في مجال العلوم والفكر والثقافة».

ليست هناك مشكلة أن نستأنف التقدم بعد كل هذه القرون، هذه هي الرسالة التي بعثتها الإمارات إلى الفضاء، وقبلها إلى سكان الأرض كي ينتبهوا إلى وجودنا بطريقة جديدة، تليق بنا كحضارة لديها تاريخ يستحق أن تعاود مسيرتها.

قلت في مقابلة تلفزيونية قبل أشهر قليلة: إن الإمارات تعمل في المستقبل ولديها خيال استثنائي، وحتى إلى هذا الوقت القريب، لم أكن أتوقع أن هذه الدولة الذكية ستتجاوز خيالي الشخصي، وتقرر الدوران حول سطح المريخ، لتسجل حضورها على بعد 493 مليون كم من مركز الأرض.

أخبار ذات صلة

مزيفون بعمق!
العالم ينقلب

هذا الحدث، الذي ينطوي على تفاصيل علمية وتكنولوجية مذهلة، انشغلت بقراءتها طيلة الأيام الماضية، هو بالفعل يمثل الأمل الذي يبدأ من الثقة بالنفس، ومن الخيال الإنساني الذي ليس له حدود.

هذه المرة الأولى في تاريخنا التي يدخل فيها كوكب المريخ قاموسنا، ليس بوصفه إشارة إلى المستحيل، بل لكونه جزءاً من تاريخ ريادتنا، حيث لم يعد الفضاء حكراً على مجموعة بشرية دون سواها، فنحن أيضاً نسجل حضورنا هناك في أبعد نقطة بلغتها إرادة الإنسان الحديث.

هكذا وضعتنا الإمارات أمام مستقبلنا وجهاً لوجه.. وضعتنا في مواجهة مع مرآة فضاء المعرفة التي تسطع على سطحها قصة 50 عاماً من النجاح، وتلك هي قصة بلدٍ بالغ الروعة والجمال يدعى دولة الإمارات العربية.