ليس من باب الترف الكتابي، إذا تساءلنا: هل العالم بحاجة إلى هيئة عالمية تنظم الحياة الإلكترونية بين الأمم؟ لتمنع أن تطغى بعضها على بعض لا سيما أن شنّ الحروب الإلكترونية المقبلة لا يوجد ما يمنعها.
وليس من باب الخيال العلمي عندما نقول: أن الدول ستعتمد في حروبها المقبلة على الأسلحة الإلكترونية أكثر من العتاد العسكري التقليدي، وقد تتقلب المعادلات الكونية وتكون الكيانات الإلكترونية طرفاً في حروب مباشرة مع الدول أو الكيانات الإلكترونية الأخرى.
فلذلك ستكون الأسلحة الإلكترونية أشدّ فتكاً من الأسلحة العسكرية التقليدية، وهي تخترق الحدود الطبيعية والإلكترونية للدول لتشل حركة القطاعات الحيوية بها، ولفداحة الخسائر وخطورة الحروب الإلكترونية فسيكون الناس سكارى وما هم بسكارى، ولكن صدمة الحيرة التي هم فيها نتيجة اعتمادهم على التقنيات الحديثة، التي فقدوا السيطرة عليها أو تم تدميرها كانت أشد عذاباً عليهم مما يلقاه البعض في الحروب التقليدية.
وهذا لا يمنع أن تستمر دورة الحياة في شقها الآخر من وجود قوى معارضة، منها: دول رافضة أن تكون وفق وجهة نظرها رهينة لمؤسسات تقنية تتحكم في مصائرها، وقد تصل المواجهة بين الطرفين بأن تُشن هجمات على أماكن وشبكات تلك التقنيات، وقد يصعب التفريق بين أهداف القوى التي وفق وجهة نظرها لا تريد أن تستحوذ التقنيات الحديثة على حقوقها ومقدراتها وتبعدها عن ثرواتها الملموسة، وبين القوى الظلامية التي ستتخفى وراء ذات الشعارات لتحقيق أجندات مموليها الموجودين في كل زمان ومكان.
فهل العالم سيتجه لإنشاء «هيئة الأمم الإلكترونية» لتعمل على تحقيق الأمن والاستقرار الإلكترونيين بين الأمم دون تكرار أخطاء وكذبة الأمم المتحدة وأذرعها التي جاءت لأغراض معينة؟ ومَنْ هي الدولة التي ستبدأ بالمبادرة؟ ومن الدولة المحتضنة لمقرها؟ أم سينقض الطامعين على (ICANN) المهتمة بشؤون الإنترنت العالمي ويتم تطوير آلياتها للسيطرة على العالم تقنيّاً؟.