د. عائشة الدرمكي

تقوم المجتمعات الحضاريّة على مجموعة من الركائز التي تضمن إشراك مؤسسات المجتمع وأفراده في الاستراتيجيات الإنمائية وتنفيذها، بما يؤسس شراكة تنموية قادرة على قيادة المجتمع وتأسيس أنماط حياته الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، ولهذا فإن نمو هذه المجتمعات وازدهارها لا يمكن أن يتحقق سوى بإشراك المجتمع المدني، الذي أصبح اليوم من أهم شركاء التنمية، وقد سعت سلطنة عمان منذ سبعينيّات القرن الماضي إلى تأسيس جمعيات المجتمع المدني لتكون شريكة في التنمية، فقد أُشهرت الجمعية التاريخية العمانية في الخامس من فبراير 1972م، لتكون متخصصة في علم الآثار والجيولوجيا والتاريخ الطبيعي وغيرها، لتأتي بعدها منظومة التشريعات والسياسات الناظمة للجمعيات المدنية المتخصصة في مجالات الثقافة المختلفة.

لقد توالى إشهار جمعيات المجتمع المدني المهنية في السلطنة، حيث أُشهرت الجمعية العمانية للسينما والمسرح، ثم الجمعية العمانية للكتاب والأدباء، ثم جمعيَّة الصحفيين العمانية، ثم الجمعيّة العمانية للمكتبات، ثم الجمعية الفلكيّة العمانيّة، ثم الجمعية العمانية للملكية الفكرية، إضافة إلى تلك الجمعيات التي تنتظر الإشهار، فالجمعيات المهنية تؤدي اليوم دورها التنموي في دعم التنوع الثقافي، وتدريب الشباب المبدعين، وتهيئة البيئة المناسبة للتنمية الثقافية باعتبارها مراكز إبداعية تنموية، قادرة على تقييم الاحتياجات الثقافية في كل مجال.

إن المجتمع الثقافي المدني في سلطنة عمان يتأسس على الاندماج والمشاركة، ولهذا فإنه يفتح آفاق التنمية الثقافية بين المنظومة السكانية كلها، ولذلك فإن دعم الوعي الثقافي يتعين إشراك أفراد المجتمع كلهم في منظومة هذه التنمية، لذا فقد أسهمت الجمعيات المتخصصة في رعاية المرأة والطفل في تأصيل الوعي الثقافي، حيث شاركت جمعيات المرأة العمانية منذ إشهارها في عام 1972م، في التنمية الثقافية من خلال مجموعة من الأنشطة والبرامج، إضافة إلى ما تقدمه جمعيات المعوقين من برامج ثقافية تهدف إلى التوعية من ناحية ودعم الإبداع والمواهب الثقافية من ناحية أخرى، فمنذ تأسيس جمعية النور للمكفوفين في أكتوبر1997م، ثم جمعية رعاية الأطفال المعوقين، ثم جمعية التدخل المبكر للأطفال ذوي الإعاقة، وهي تقدم برامج ثقافية مستعينة بالعديد من المتخصصين في مجالات الثقافة.

أخبار ذات صلة

مزيفون بعمق!
العالم ينقلب

ولعل منظومة المجتمع المدني الثقافي في عُمان لا تكتمل سوى بإيجاد البيئة المناسبة لأنشطة الجاليات العربية والأجنبية المقيمة، التي أسهمت في الحِراك الثقافي ودعمه، حيث توجد العديد من أندية الجاليات، منها النادي الاجتماعي للجالية الهندية، والبنغلاديشية، والسودانية، والسيريلانكية، والباكستانية، والفلبينية، والمصرية، والأردنية، والصينيَّة، والعراقية، وغيرها.