عصام زكريا

مع تحقيقه أعلى الإيرادات عالمياً، واكتساحه دور العرض في عدد كبير من البلاد، واستكمالاً للمفاجآت والأرقام القياسية التي يضربها أينما عرض، حقق فيلم The Spider- man No Way Home حالة غير مسبوقة في تاريخ الأفلام الأجنبية في مصر، سواء من ناحية الإيرادات أو الاهتمام الذي يحظى به الفيلم.

حقق The Spider- man No Way Home خلال 4 أيام من عرضه (من الأربعاء إلى السبت) أكثر من 12 مليون جنيه مصري، متخطياً الأفلام المصرية التي بدأ عرضها في الوقت نفسه، مثل «برا المنهج» للمخرج عمرو سلامة وبطولة ماجد الكدواني وروبي، حيث لم تتجاوز إيراداته خلال أربعة أيام 900 ألف جنيه، و«ريتسا» إخراج أحمد يسري وبطولة محمود حميدة، أحمد الفيشاوي وأمير المصري، الذي لم تتجاوز إيراداته خلال الأيام الأربعة 500 ألف جنيه!

على الناحية الثانية، ووفقاً للأرقام الصادرة عن غرفة صناعة السينما وبعض الموزعين وأصحاب دور العرض، فقد حقق «سبايدرمان» خلال يومه الأول (الأربعاء 15 ديسمبر) أكثر من مليون جنيه، ارتفعت يوم الخميس إلى نحو ثلاثة ملايين ونصف مليون جنيه، ووصلت للذروة يوم الجمعة برقم يقترب من خمسة ملايين جنيه (بالتحديد 4, 838, 649 جنيهاً)، ونحو ثلاثة ملايين أخرى يوم السبت.

هذه الأرقام استثنائية في تاريخ دور العرض المصرية بالنسبة لفيلم أجنبي، لا يقترب منها سوى الإيرادات التي حققها فيلم «الجوكر» في 2019، حيث تجاوزت إيراداته خلال الأسبوع الأول من عرضه 13 مليون جنيه (من المؤكد أن «سبايدرمان» سيتجاوز هذا الرقم مع نهاية الأسبوع الأول)، ووصل إجمالي ما حققه «الجوكر» خلال 17 أسبوعاً إلى أكثر قليلاً من 40 مليون جنيه.

عدد شاشات غير مسبوق

no way home

المدهش ليس الإيرادات فقط ولكن عدد الشاشات التي يعرض عليها الفيلم والذي وصل إلى 48 شاشة (علماً بأن عدد الشاشات في مصر نحو 400 شاشة فقط)، وهو رقم كبير جداً بالنسبة لفيلم أجنبي. وكانت وزارة الثقافة المصرية في ما مضى تضع حداً أقصى لعدد الشاشات التي يعرض عليها أي فيلم أجنبي، كنوع من الحماية للأفلام المصرية، حيث لم يكن العدد المسموح به خلال التسعينيات يتعدى ثلاث شاشات، ارتفع إلى خمس، فعشر، قبل أن يرفع الحظر في بداية 2016. وبالطبع ساهم هذا في تحقيق «سبايدرمان» هذه الأرقام، ومن المؤكد أنها كان يمكن أن تتضاعف لو أن دور العرض في مصر كانت ضعف ما هي عليه الآن.

أخبار ذات صلة

جي ريتشي يخرج النسخة الواقعية من هيركيوليز
أميرة «ديزني» في «ذي برينسس».. مقاتلة شرسة لا تنتظر من ينقذها

الإقبال غير المسبوق على مشاهدة أحدث أفلام «سبايدرمان» له أسباب تستحق أن يدرسها المنتجون: منها فكرة الفيلم التي جمعت أبطال وشخصيات وأحداث الأفلام السبع السابقة التي تمتد منذ بداية القرن الحالي، كونت خلالها السلسلة أجيالاً متعاقبة من المعجبين الأطفال والمراهقين، ولذلك يمكن أن تشاهد في دور العرض فئات عمرية متباينة من الأطفال وحتى ما فوق الثلاثين والأربعين. السبب الثاني هو الحبكة القوية التي تحمل عمقاً فلسفياً غير ظاهر، تتميز به أعمال «مارفل» الجيدة، حيث يطرح الفيلم من خلال حبكة ظهور «العناكب الثلاثة» في زمن واحد فرضية «الكون المتعدد» multiverse التي لعبت عليها «مارفل» في العديد من أفلام «الأفينجرز» خلال السنوات الماضية، وكذلك في مسلسلات «لوكي» و«ماذا لو؟» وغيرها. ويستخدم فيلم «سبايدرمان» الأخير هذه الفكرة ليعقد رابطة ومنطقا لسلسلة أفلام «سبايدرمان»، حيث جعل كل بطل من الثلاثة يعيش في كون مختلف داخل «الكون المتعدد»، وفي الوقت نفسه يفسر فكرة «الكون المتعدد» تفسيراً سينمائياً، بما أن السينما هي الفن الذي يمنحنا القدرة على أن نعيش حيوات متعددة، في أزمنة وأمكنة مختلفة، وأن نعيش مع أبطالنا المحبوبين تجاربهم التي تصبح جزءاً من تجاربنا.

بذكاء شديد يصالح الفيلم بين فكرة «الكون المتعدد» والمنطق العقلاني الذي قد لا يستطيع تقبلها، وفي الوقت نفسه يجمع النجوم والقصص في عمل واحد يتوجه إلى مختلف الأجيال.

سبب آخر هو الدعاية الكبيرة التي سبقت الفيلم على مواقع التواصل والإنترنت، والتي حملت قدراً من الشائعات والحكايات غير المؤكدة عن تفاصيل الفيلم، وقد ساهمت هذه الحملة في إثارة فضول وحماس الملايين من المشاهدين المراهقين والشباب قبل نزول الفيلم بأسابيع، قبل أن تصل لذروتها قبل بدء عرض الفيلم بأيام.