منى الرئيسي

في الأصل، انطلقت الأدوار الحقيقية للمثقف «الحقيقي» من حنجرة المهمشين وقلة حيلة العاجزين وصرخة الضعفاء والمظلومين فكان صوت كل هؤلاء ناقل همومهم بحج قوية مقارعة للسلطة، كما وكان عونها حينها وكاشف عيوبها حيناً آخر.

مع تبدل الزمان والمكان تبدلت صور المثقف وتمثيلاته وقوة تأثيره وحضوره في مناحي الحياة لا سيما السياسية والاجتماعية، وكانت قوة الحقيقة التي يدلي بها كسيف على لسانه، والمنفى مصيره وقلة الدعم وانعدام الحيلة مشاهد رئيسية في سيناريو حياة الكثير من المثقفين على مر العصور، ولكنهم أثروا وتأثروا وناضلوا في سبيل إحقاق الحق.

وما بين الأمس واليوم تصبح صورة ذلك النمط من المثقفين ضبابية لتزيح الغمامة عن واقع أكثر ترهلاً وسطحيةً وانكفاء نحو ذات طماعة ومادية وفردانية منزوية عن المحيط وهمومه، ولا تعميم بالطبع.

أخبار ذات صلة

مزيفون بعمق!
العالم ينقلب

قبل فترة وجيزة التقيت ومجموعة من الشباب الإماراتي المثقف بالدكتورة موزة غباش وهي من أهم رواد علم النفس والاجتماع منذ بدايات تشكل المجتمع الإماراتي، عاصرت مراحل نموه وتطوره بمنهج علمي ورؤى منطقية وغيرة وطنية نابعة من هوى عربي – إسلامي. لمست مدى رغبتها القوية في لم شمل المثقفين الشباب تحديداً، عبر إيجاد منصة تجمعهم فأطلقت حينها صالونها الثقافي الشهري وأول ما طرح كسؤال مشروع: ما هو وضع المثقف الإماراتي اليوم ومن هم رواد الثقافة في الماضي والحاضر؟! وماهي الهموم والتطلعات المندسة في داخل هذا الوسط الذي بات اليوم يشكل أهم أدوات القوة الناعمة في العالم؟! وما إذا كانت الكونفيدرالية العامة قد خدمت الثقافة بجعلها تتماهى ككل وحدوي متماسك في كياننا العام أم قسمتها؟!

كانت النتيجة أننا خرجنا بجملة من التوصيات التي لعلها تجد طريقها نحو صناع القرار في الفعل الثقافي الإماراتي، فالفجوة اليوم بين المثقف ومجتمعه لا بد أن تُسد حتى يمارس هؤلاء جانباً من أدوارهم الحقيقية التي تتجاوز غلاف كتب يرقد عليها الغبار.. ولعلنا ننطلق من "من هم هؤلاء؟! وكم هو عددهم وماهي تصنيفاتهم الفكرية واهتماماتهم الثقافية، وكيف يسهم منتجهم وآراؤهم في بلورة مشهد ثقافي مؤثر ومتأثر؟! ما هي حواضنهم غير ثلاث أو أربع معارض كتب وندوات متناثرة لا تصل لـ 10 ندوات على مدار العام بأسره؟ ولماذا اختاروا الصمت والانزواء والتدثر تحت الصمت بوظائف لا تمثلهم؟!".. مقال مقبل به أجوبة وتوصيات!