عبدالله النعيمي

الذي يعرفه معظم الناس أن الأسباب التي تدفعهم لشراء السلع والخدمات هي حاجتهم الفعلية إليها، أو رغبتهم في استبدال ما لديهم بما هو أفضل، وأكثر تطوراً، لكن في الواقع قد تكون الدوافع مزيجاً من الاثنين.

لكن الحاصل الآن أن السبب الثاني طغى واستعلى على الأول، وأصبح معظم الأفراد يتهافتون على شراء أحدث السيارات والأجهزة والملابس لرغبتهم في تغيير ما لديهم، دون وجود حاجة فعليه إليها، وهذا الأمر بطبيعة الحال له انعكاسات خطيرة على استقرار الفرد والأسرة كنواة للمجتمع.

كل ما ذكرته أعلاه يمثل قمة جبل الجليد، لكن ثمة ما هو مختبئ تحت ذلك، وأعني به التفسير السيكولوجي لهذه الظاهرة، والذي يرتبط بشكلٍ مباشر بسلوك الأنا، وحاجتها للتماهي مع الأشكال المادية، وهو سلوك يمارسه الإنسان دون وعي، ويتكبد جراءه خسائر فادحة.

فالإنسان الذي يعيش دون هدف واضح، ويشعر في مراحل معينة من حياته أنه بلا قيمة، يتجه تلقائياً إلى شراء سيارة فارهة، تسد بشكلٍ مؤقت عقدة النقص لديه، ومع كل نظرة انبهار للسيارة يشعر بشيء من الرضا الداخلي، لكن سرعان ما يتبدد هذا الشعور، وتعود حاجته إلى التقدير، ولفت الانتباه أقوى مما كانت، فيفكر تلقائياً في شراء شيء آخر أعلى قيمة، وأكثر قدرة على جذب الأنظار إليه.

هذه الدائرة الجهنمية تجذب إليها يومياً ملايين البشر، ولا سبيل للنجاة منها سوى بمراقبة (الأنا)، ومحاولة فهم سلوكها ودوافعها، ومن ثم السيطرة عليها، وتوجيهها إلى السلوك الصحيح.


أخبار ذات صلة

الاستثمار في الأمن الغذائي
أعيدوا لنا 7:15 – 1:30