عبدالله النعيمي

الأفكار والقناعات المتداولة اليوم تختلف شكلاً ومضموناً عن الأفكار والقناعات التي كانت متداولة قبل 20 عاماً، ولا يساورني أدنى شك أن الأفكار التي سيتم تداولها بعد 20 عاماً أخرى ستكون مختلفة كثيراً عمّا نتداوله اليوم.

هذا لا يعني بالضرورة أن الفكر الإنساني يتطور باستمرار، بل العكس يحدث في كثير من الأحيان، فنرى مجتمعات كانت متطورة في الماضي القريب، تقهقرت سريعاً إلى الوراء، ويتحسر فيها الأحفاد على الحياة الجميلة التي كان يعيشها آباؤهم وأجدادهم.

هذا الأمر رأيناه يحدث في مناطق كثيرة من العالم، ولن يستغرق القارئ الفطن وقتاً طويلاً للوصول إلى أمثلة عديدة لمجتمعات عربية، وغير عربية كانت منفتحة على الثقافات الأخرى، ومقبلة على الحياة في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، لكنها انتكست بصورة دراماتيكية مخيفة مع مطلع الثمانينات، ووصلت إلى مستويات غير مسبوقة من الرجعية والتخلف مع نهاية التسعينات، حتى يُخيّل للباحث في تاريخها أن عجلة الحياة فيها دارت إلى الوراء.

ويبدو السبب الرئيس في ذلك واضحاً إلى حد كبير، وهو اختلاف التغذية الفكرية التي تعرض لها أفرادها على مدى الـ40 عاماً الماضية، فعندما كانت التغذية سليمة، جاءت النتائج رائعة.. وعندما ساءت التغذية.. ساء معها كل شيء.

فالمجتمعات التي يقودها رجال سياسة بارعون نزهاء، يضعون مصالح العامة فوق مصالحهم الخاصة تتطور مع مرور السنين، أما المجتمعات التي يهيمن عليها رجال سياسة متسلطون، يمنحون أنفسهم حق الوصاية على الجميع.. فتتراجع لا محالة.


أخبار ذات صلة

الاستثمار في الأمن الغذائي
أعيدوا لنا 7:15 – 1:30