فاروق جويدة

لم يعد المواطن العربي صاحب القرار في تحديد حياته حاضراً ومستقبلاً، لأن كل الأشياء أصبحت الآن في أيدي غير عربية، ولنا أن نتصور الدول الأجنبية التي تعبث في المصير العربي وكأنه لا توجد مناطق أخري غير هذه المنطقة من العالم.

وأول هذه الأسباب هو البترول الذي جعل من العالم العربي هدفا لكل المغامرين من أجناس الأرض، فتغيرت الحسابات، فأضحت لا توجد دولة أوربية إلا وكانت لها أطماع فى العالم العربي، ولكن القضية أن العلاقات كانت عادية تتوقف، فلم تكن في العالم العربي ثروات تمثل أهمية للدول الاستعمارية، والدليل أن الغرب أهمل تماما دول أفريقيا وتركها للجوع والفقر والأمراض، ولم يهتم بدول شرق آسيا رغم كثافتها السكانية العالمية، وقد مات الملايين في هذه الدول فقرا وأمراضا وكان من الممكن أن يبق العالم العربي في هذا السياق، ولكن البترول غير كل الحسابات، وتحولت الحياة العربية أنهاراً وبحاراً إلى ساحة للصراع بين جميع القوى، وكان ولابد مع ظهور البترول أن تأتي القوى الكبرى لكي تكون صاحبة القرار والكلمة في مستقبل هذه المنطقة من العالم، وإن السؤال الذي يمكن أن يفاجئنا في يوم من الأيام ما هو مستقبل الشعوب العربية بعد البترول؟!.

لقد اختلفت القوى التي تتصارع على النفوذ في العالم العربي بعد أن انتهت سنوات الاستعمار والاحتلال ولم ينج منها إلا عدد قليل من الدول، فكان تقسيم العالم العربي بعد وفاة الرجل المريض وانتهاء الإمبراطورية البريطانية، وسقوط دول الاستعمار التقليدية.

إن الغريب أن القوى التي ضيعت على العرب فرص التقدم قد عادت مرة أخرى تعبث في مصيره.. عاد الشبح العثماني يبحث عن أدواره القديمة ويحلم مرة أخرى بأن يمد نفوذه، وعاد الشبح الفارسي يهدد كل شعوب المنطقة بالإرهاب والموت والدمار، وكلنا يتابع الآن جرائم إيران في العراق واليمن ولبنان وسوريا، وهذه الأعمال العدوانية لم تكن تحقق أي نتائج لولا حالة الفراغ التي تعيشها الشعوب العربية والكوارث التي لحقت بها ابتداء بالحروب الأهلية وانتهاء بالانقسامات الدينية والعرقية وتعارض المصالح.

إن السبب الآخر وهو هذا الكيان الغريب الذي زرعه الغرب في قلب العالم العربي وهو إسرائيل الدولة الصهيونية التي قسمت العالم العربي ووضعت يدها على مقدساته.

إن إسرائيل سوف تمثل دائما التهديد الحقيقي للشعوب العربية مهما كانت أحاديث السلام واتفاقيات الهدنة، إن إسرائيل تحلم باليوم الذي تسقط فيه كل مقومات الشعوب العربية، وهنا يمكن لها أن تتحدى وتفرض سيطرتها كما تريد على الأرض والشعوب والبشر.

أخبار ذات صلة

الاستثمار في الأمن الغذائي
أعيدوا لنا 7:15 – 1:30


إن إسرائيل هي أكبر ضمانات التبعية التي وضعها الغرب في قلب العالم العربي، ليضمن أن شعوبه لن تخرج على قواعد الوصاية والنفوذ، وإن إسرائيل الزمن القادم لن تكون مجرد حليف للقوى العظمى في المنطقة ولكنها ستكون صاحبة الكلمة والقرار!.