خلود الفلاح

ماذا تفعل«ميكاج» بطلة رواية «مطبخ» عندما تجد نفسها وحيدة دون سرة، وأنها تستأنس بأجواء المطابخ الدافئة أكثر من أي مكان في العالم؟.. كيف تمضي الأيام بساتسوكي عندما تفقد حبيبها هيتوشي في حادثة سير، وهييراجي حبيبته يوميكو في رواية «خيالات ضوء القمر».

مع هذه الشخصيات يعيش القارئ متعة التعرف على أعمال روائية يابانية معاصرة هي بنانا يوشيموتو في روايتيها اللتين جمعتا في كتاب واحد.

ما يجمع بين الروايتين ( ترجمة بسام حجار) الاحساس بالفقد والحنين، وأن الأموات لا يعودون إلينا مرة أخرى، وأشياؤهم هي ما يذكرنا بهم أو هي ما نحب ملامستها عندما يطرق الحنين أبوابنا.

الكتاب( الروايتين) يطرح السؤال الآتي: هل الماضي يسكننا للأبد أم أن هناك أملا قابلاً على الدوام أن يولد من جديد؟ باقتضاب مفرط في كثافته تروي لنا بنانا يوشيموتو حقيقة المشاعر التي تتغذى بالمفارقات والمتناقضات، كما تروي سير الحيرة والضياع في حياة أشخاص افتقدوا معنى أن تستمر الحياة.

أبطال بنانا ليسوا أبطالا في الحياة لأنهم اختاروا أن يكونوا هامشيين، وهامشيتهم هذه لا تتأتى من فقدانهم المكانة الاجتماعية، بل من موقفهم الرافض أي صلة مما تقدمه الحياة، لأنهم يعلمون أن الحياة لن تلبث أن تستعيده فيفقدونه.

«مطبخ» و«خيالات ضوء القمر» رواياتان ممتعتان رغم بساطة الفكرة التي تجاور الخيط الفاصل بين الغفلة عن العيش وبين الانتباه إليه، كمادة سردية تستحق أن يكتب عنها.

أخبار ذات صلة

الاستثمار في الأمن الغذائي
أعيدوا لنا 7:15 – 1:30


الماضي عند الروائيين الشباب اليابانيين لم يعد بطلا روائيا ولم يعد مثالا للغبطة، كما لم يعد منهلا للحنين، والأفكار لم تعد ذريعة للسرد الروائي.

الأشخاص والأشياء وتفاصيل العالم الصغيرة أصبحت هي ما تستحق الكتابة عنها، أي الجواهر البسيطة لحياة تتسع لمصير واحد ولا تتسع للمصائر التراجيدية.

لقد اكتسب الكُتاب الجدد في اليابان كل تقنيات الرواية الغربية الحديثة، واختبروا إلى أقصى ما يجيزه الاختبار أنماط عيشهم المتناقضة، أما السمة الغالبة في نتاجهم فهي الميل المعلن إلى الاقتضاب، التي تجمع عناصر الرواية مكتملة في متوالية سردية لا تتجاوز صفحاتها المائة.

نالت بنانا يوشيموتو جائزة عن روايتها الأولى (خيالات ضوء القمر) عام 1989، وأُنتجت روايتها (مطبخ) مرتين كأعمال سينمائية، كما أنها طبعت أكثر من 60 مرة.

ولدت بنانا يوشيموتو في العاصمة اليابانية طوكيو سنة 1964، وبدأت الكتابة في سن الثامنة بقصة قصيرة هي (الجسر الأحمر).