عبدالله النعيمي

كم من السنين يجب أن تنقضي حتى ندرك أن السعادة الحقيقية تكمن في الأشياء البسيطة التي تحيط بنا من كل جانب، ونحن لا نلقي لها بالاً؟.. وكم من خيبات الأمل يجب أن نتجرع حتى نقتنع أن سعينا الحثيث، وركضنا المتواصل للحصول على المزيد من المال والنفوذ، لا يقودنا بالضرورة إلى الأهداف التي ننشدها، والغايات التي نطمح إليها؟

عندما نشعر بالانكسار والحزن لمصيبة ما ألمت بنا، تتساوى في أعيننا كل ماديات الدنيا، ولا نشعر بفارق كبير بين البكاء في قصر فخم أو كوخ صغير في أقاصي المدينة، لأن الحزن مكانه القلب، والماديات يتوقف تأثيرها عند حدود الجسد.

ما يصنع الفارق هو الدعم الوجداني من أشخاص نثق بصدق محبتهم لنا، سواء كانوا أصدقاء أو أقارب، لذلك يُقال إن الإنسان المحاط بالأصدقاء أقرب إلى السعادة من الإنسان الوحيد، حتى وإن كان أقل منه مالاً ومكانة اجتماعية.

تداعت هذه الأفكار إلى خاطري، وأنا أرى ملامح الحزن ترتسم على وجه صديق ميسور الحال، عاش طوال عمره وحيداً، لا يملك زوجة أو أصدقاء، ويحارب وحدته بالانغماس في العمل معظم أوقات يومه، وكلما حاولت التلميح أمامه بأن النجاح الوظيفي وحده لا يجلب السعادة، سرد على مسامعي مجموعة من التبريرات الجاهزة التي تثبت صواب وجهة نظره.

اليوم هو بلا وظيفة، بعد أن أحيل إلى التقاعد، ولا أدري هل سيستسلم للفراغ والوحدة، أم سيبدأ أخيراً حياة جديدة بعيداً عن محيط العمل، و(أُبهة) المنصب.


أخبار ذات صلة

الاستثمار في الأمن الغذائي
أعيدوا لنا 7:15 – 1:30