د. عبد العزيز المسلّم

النمّام آفة كبيرة ابتليَت بها المجتمعات العربية والإسلامية، حيث أصبحت النميمة سلاحاً بل وسيلة للتقدم لدى البعض، خصوصاً في بيئات العمل والدراسة والمحافل الرسمية، وللبعض الآخر أصبحت النميمة أسلوب حياة، والسؤال هنا: لماذا هي أسلوب حياة؟.. الإجابة: لأن أولئك النمامين يستخدمون نميمتهم فقط للتسلي والمزاح والضحك على خلق الله.

المصيبة في ذلك أن بعض أولئك النمامين الذين يستخدمونها من أجل التسلية، لا يعون أنهم كذلك، بل يبدو لك أنهم لا يعلمون أنهم نمّامون، لأن تلك الصفة أصبحت مرضاً، وهي ليست كأي مرض، ليتمكن الناس من تحاشي حامله، لكنها مرض خطير وخفي، لا يُعرف إلا بعد فوات الأوان، أي بعد أن يقوم النمام بفعلته الدنيئة.

أعرف أُسَراً بأكملها تحترف النميمة، وتسعى بالوشاية واللغو للإفساد بين الناس، وقد عانى كثيرون من نميمتهم، فهم ينقلون الأخبار من هذا لذاك، ومن مجموعة لأخرى، ومن موضوع لآخر، لإشعال الفتنة وإذكاء نارها، فمعهم وبهم التوتر بين الناس لا يخمد أبداً.

ومما يتضح من سلوك أولئك النمّامين، ليس حبهم للنميمة فحسب، بل كمية الخسة التي يختزنونها في جوفهم النتن، ومقدار الكره والبغض لديهم، ومقدار الحقد الذي يغلي في قلوبهم.

لقد قُدر للبعض أن يعيش مع هذه الفئة المتعبة المزعجة، لأنهم أقرباء أو جيران أو زملاء عمل، لكن إلى متى، وإلى أين يأخذنا ذلك الطريق الذي ارتسمه أولئك النمامون بسعيهم الحثيث للإفساد في الأرض، بالتحريض والوشاية والتزوير والتحوير والإيقاع بين الناس.

يشرح معجم «الرائد» معنى النمام، قائلاً: هو الذي يتحدث مع القوم فينمّ ويفسد، أما معجم «الغني» الذي يحتوي على تعريف 30 ألف مادة ومصطلح بوجود أكثر من 195 ألف كلمة مشتقة فيه، فإنه يعرّف النمام بما يلي: «جمع (صِيغَةُ فَعَّالٍ لِلْمُبَالَغَةِ) مَنْ يُحَدِّثُ النَّاسَ بِأَقْوَالِ الآخَرِينَ فِيهِمْ لِلْإِفْسَادِ وَإِيقَاعِ الفِتْنَةِ بَيْنَهُمْ».

أخبار ذات صلة

الاستثمار في الأمن الغذائي
أعيدوا لنا 7:15 – 1:30


الشاهد أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت بيئة خصبة للنمامين، ينشرون الأخبار، وينقلون أقوال الناس، ويفسدون أيّما إفساد بين هذا وذاك، وبين هؤلاء وأولئك، بقصد قطع العلاقات، وهدم البيوت، وإباحة الأسرار، وإشاعة الضغينة بين البشر.