فاطمة اللامي

لكي تنجو «شهرزاد» من قبضة السيّاف مسرور، ابتهلت خوفاً وسراً إلى الله ليلهمها مهارة نسج الحكايات الخرافية المشوقة، لتمارس دور الحكاّية بمهارة، فيعدل شهريار عن قراره، وتكتب لها النجاة مع بنات قريتها!

وهكذا تولد الأنثى وروحها معلقّة بمشيمة الخوف، إلى أن تلاقي ربها، فهي تُرّبى على الخوف من كل شيء حولها حتى من مشاعرها، تخاف من أن تُخطئ فتُقتل من قبل أن تُسأل، من أن يُسمع صوتها فتصبح فضيحة، من أن يكبر ظلها يوماً على ظل أخيها فتوصم بالمسترجلة أو«المستقوية»!

من أن تردد بيتاً غزلياً من الشعر أو تسمع أغنيتها المفضلة دون أن تطالها شبهة حب، تخاف أن تفصح عن مشاعرها وما يختلج في نفسها فتوصم بالمتحررة، تخاف أن تختار بملء قلبها وعقلها شريك حياتها فتكون في نظر المجتمع جريئة بلا أخلاق!.

تخاف من أن تكمل تعليمها فيفوتها قطار الزواج، تخاف أن تتزوج فتُطلّق وتوصم بالمطلقّة، يتأخر حملها فتخاف أن تكون عاقراً أو لا تلد إلاّ إناثاً فيتزوج زوجها بثانية، تخاف أن تكبر وتموت وحيدة بلا مال ولا زوج ولا ولد بار تستند عليه، تخاف من أن يزحف بها العمر دون ارتباط، فتسرع لإجراء عملية تجميد لبويضاتها، تخاف من عبارة «الزواج ستر للبنت»، فينكشف غطاؤها بعد الارتباط !.

ربما الإناث اللائي نجون من الوأد في الجاهلية، كنّ قد ابتهلن للرب وهُنّ في أحشاء أمهاتهن بعد أن تناهت إليهن نفرة قلوبهن خوفاً وارتشفن نسغها الحار كلما اقترب موعد ولادتهن، فأحالهن الله إلى سنابل ذهبية تأبطت ذراع الريح يوم حصادها!


أخبار ذات صلة

الاستثمار في الأمن الغذائي
أعيدوا لنا 7:15 – 1:30