عبدالله النعيمي

مع تقدمنا في العمر تتغير اهتماماتنا، ويصبح المعنى أهم بالنسبة لنا من الكلمة، والجوهر أولى باهتمامنا من الشكل، فنهرب من التعقيد وتستوقفنا التفاصيل البسيطة، وتختلف رؤيتنا للحب، ومن نحب، وندرك أن ما وقفنا عليه سنوات طويلة من عمرنا، لم يكن يستحق منا سوى التفاتة.

في مراهقتنا نهتم كثيراً برأي الناس فينا، ونسعى بكل ما نمتلك من إمكانيات للتجمل، والتأنق لننجح في لفت الانتباه إلينا، نختلق المواقف الطريفة، وأحياناً المشاكل، لنقول للآخرين نحن هنا.

نكبر، ونستمر في مجاراة المجتمع في جنونه، ولهثه المحموم للحصول على هو أكبر، وأغلى، وأكثر تميزاً.. ننسى كينونتنا البشرية، وننصهر بكاملنا في الماديات.. نقبل أن يقيمنا الناس حسب السيارة التي نركبها، والساعة التي نلبسها، ودرجة الطيران التي نسافر عليها.. نظل مستمرين في الاتجاه مع القطيع أينما ذهب، وننفق كل مدخراتنا في اقتناء أشياء لا حاجة حقيقية لنا بها، وما بين فترة وأخرى نشكو من غلاء المعيشة، وعدم كفاية الدخل.

نكبر أكثر، فتلوح فكرة الزواج في أذهاننا، فنبدأ في الاستسلام لرؤية المجتمع لطريقة الارتباط، ومتطلباتها، وننسى الحب، ونغفل عن معايشة اللحظة، وحتى في يوم زفافنا نكون مثقلين بأعباء تنوء بها الجبال، ومصاريف تهد حيل التاجر، وما أن نستفيق على مسؤولياتنا الجديدة تجاه البيت والأبناء، حتى تكون ديوننا قد خرجت عن السيطرة.

والمؤسف في هذا كله، أن إدراكنا لمعنى الحياة يأتي متأخراً جداً، بعدما ينقضي معظم العمر، وتضيع أغلب الفرص.


أخبار ذات صلة

الاستثمار في الأمن الغذائي
أعيدوا لنا 7:15 – 1:30