عبدالله النعيمي

نسمع أن الأزمات والكوارث الكبرى تُخرج أسوأ ما في البشر، وهذه الفرضية يسندها كثير من المواقف والأحداث، مثل: أن نرى تاجراً يجمع سلعة معينة من السوق، وعندما تزداد حاجة الناس إليها، يبالغ في رفع أسعارها، ويجنى من وراء ذلك أرباحاً هائلة، ومثل: أن نرى متسوقاً في مجمع تجاري يُفرغ رفوف الخبز في سلته ولا يترك شيئاً للآخرين، ومثل: أن نرى مسافراً عائداً لتوه من وجهة موبوءة لا يلتزم بالحجر الصحي، فيتسبب في نقل العدوى إلى أهله وأصدقائه وزملائه في العمل.
لكن رغم كل الأمثلة السلبية السابقة لا يصح النظر إلى الفرضية السابقة على أنها قاعدة مقطوع بصحتها، وذلك لوجود جانب آخر من الصورة ينقضها، ويشير إلى عكسها تماماً.. أي أن الأزمات والكوارث الكبرى قد تُخرج أفضل ما في البشر.
ومن أبرز الأمثلة التي تدعم الفرضية الجديدة مبادرة كثير من أفراد المجتمع للتطوع بالعمل في قطاعات ترتفع فيها نسبة الخطر، مثل: قطاعات الطب والتمريض والإسعاف، تاركين وراء ظهورهم بيوتاً آمنة، وعوائل محبة، وحياة مرفهة هنية. إن هذا التناقض بين الفرضيتين شكلي، ولو تعمقنا أكثر في تحليل تصرفات الناس أثناء الأزمات، فسنجد سلوكهما متأثر بعاملين رئيسيين، هما: الوعي والخوف. إن الإنسان بطبيعته إذا شعر بالتهديد والخطر، يميل لإظهار شخصيته المعتمة.. وكلما ازداد وعيه، يقل شعوره بالخوف.. فتبدأ شخصيته المشرقة بالظهور.

أخبار ذات صلة

الاستثمار في الأمن الغذائي
أعيدوا لنا 7:15 – 1:30