سارة المرزوقي

تُعدُّ حركة الترجمة من أهم وسائل التواصل الثقافي، وبفضلها تمكّنّا من تطوير المعارف والعلوم في عدة مجالات، وهي عملية ذهنية تحاول ربط حالة ثقافية بأخرى، تحمل على عاتقها إيصال المعنى مع المحافظة على رونق النص الأصلي. وربّما تحتاج إلى انغماس أكبر، كقراءة المترجم ما بين السطور واستنباط ما خفي منها، وأخذ كل ذلك بعين الاعتبار حين يعيد رسم المشهد من جديد.

إذن كي يكون المترجم «وسيطاً» حقيقياً بين لغتين، بكل ما تحمله هاتان اللغتان من ثراء، فعليه أن يمارس نشاطاً ذهنياً يثري ميزان اللغة والصور لديه، ما يجعل الترجمة مجالاً ممتعاً، ليس فقط للأكاديميين والمحترفين، بل حتى للأطفال واليافعين.

يمكن إدراج حصص الترجمة في المنهج المدرسي أو خارجه، ضمن أنشطة «لاصفية» تُقام في المكتبات أو المراكز المعرفية، إذ يقوم الطلاب من مختلف الجنسيات والثقافات، بترجمة القصص الصامتة (المصورة) كبداية، وكتابتها بلغات الأطفال الأصلية، وأثناء ذلك يتواصل الأطفال فيما بينهم ويتعلّمون المفردات الجديدة، بمساعدة المشرف أو أمين المكتبة. ويتم التدرّج في مستوى دروس الترجمة مع تدرّج المراحل الدراسية، حيث يتعلّم الأطفال فنون السرد بأكثر من لغة.

تم تنفيذ هذا المنهج الجميل عام 2013 ضمن مبادرة «مترجمون في المدارس Translators in Schools» بدعم من مؤسسة Calouste Gulbenkian البرتغالية والمفوضية الأوروبية، وبالتعاون مع عدة جهات راعية، كما يوفّر البرنامج دعماً تدريبياً للمعلمين.

ولنا أن نتخيّل الآن، ماذا لو ترجم الأطفال؟ أي خيال وأي سحر يمكن أن يضيفوه للكلمات؟ وأي متعة يمكن أن نجنيها حين يسافر الطفل على بساط اللغة، تحمله الريح كيف يشاء، في سبيل الوصول إلى المعنى؟


أخبار ذات صلة

الاستثمار في الأمن الغذائي
أعيدوا لنا 7:15 – 1:30