د. عبد العزيز المسلّم

النفوس تمرض، وأمراضها كثيرة، لكن تلك الأمراض فيها شيء من الاختيار، فالناس هم الذين يلقون بأنفسهم في أوحال الآفات النفسية، فإذا ما اعتادوا الحسد والحقد والكره والنفاق مرضت نفوسهم، وغلبت عليها تلك الآفات، ومن أشد أنواع تلك الأمراض التكبر والتعالي، فيرى الشخص نفسه عظيماً وهو ليس كذلك.

كذلك العجب الذي يصيب الناس وهو استحسان القبيح، وقد ورد في اللغة أن الْعَجَبُ هو النَّظَرُ فِي النَّفْسِ بِعيْنٍ تَرَى الْقَبيحَ جميلاً، وهي آفة نفسية خطيرة، إذا ما ابتُليَ بها الإنسان قضت على كل مناحي الجمال في فكره وشخصيته.

الشّاهد أن الأمراض التي ذكرناها فيما سبق تصيب بالاعتياد جراء التكرار، كالتعود على الحسد والحقد والكره أو حتى النفاق، فإذا ما عوّدت نفسك على تلك الآفات النفسية أصبَحتْ كالمرض الذي يتلبسك، أما التكبر والعجب فهي عادات مكتسبة إذا لم تخالف هوى نفسك فيها وترفضها فإنها تتغلب عليك، حتى إنك قد تصل إلى حالة مستعصية فتكره نفسك ذاتها.

مرض آخر قد يُصيب النفوس جرّاء قوة التملّك، وهو التسلط والجبروت، فهناك من يظن أنه بقدر ما يملك من مال وسلطة فإنه يملك السيطرة، وبذلك يمارس أعلى درجات التسلط والجبروت تجاه الآخرين، فيحرمهم من أبسط حقوقهم ويتدخل في أدق تفاصيل حياتهم وذلك مرض خطير تصعب الحياة معه.

عمدة القول، إن أمراض النفوس تلك هي أمراض تظهر في كل زمان وكل مكان، ولا يردع تلك الأمراض إلاّ تزكية النفوس والارتقاء بها فوق دناءة الأخلاق وعفونة الأفكار، فالنفس كالطفل تتشكل على ما تتعود عليه.

لكني أعجب ممن لا يكتفي بتدمير ذاته، بل يسعى إلى تدمير النشء الجديد من أبنائه وتلاميذه ومريديه، فيغرس في نفوسهم تلك الأمراض القبيحة فيعتادواعلى الحسد والحقد والكره والنفاق، وكذلك التكبر والتسلط والجبروت، فيظهر جيل يمتلك من أمراض النفوس ما هو أشد عنفاً من سابقيه.

أخبار ذات صلة

الاستثمار في الأمن الغذائي
أعيدوا لنا 7:15 – 1:30


نصيحة، لا تقتبس من أولئك المصابين بذلك الداء، فأي شيء قد ينقل إليك عدوى أمراض النفوس القبيحة، حتى لو كانوا من الأقربين.