وفاء صندي

أعادت حادثة المعمل غير القانوني، بمدينة طنجة المغربية، النقاش حول واقع الاقتصاد غير الرسمي، الذي يدفع فئات مجتمعية معينة إلى المخاطرة بأرواحها من أجل كسب قوتها اليومي، ليس في المغرب فقط، ولكن في كثير من دول العالم النامية.

يشكل العاملون في القطاعات الاقتصادية غير الرسمية جزءاً مهماً من حجم العمالة في مختلف المجتمعات والدول، وإن كانت النسب تتفاوت من اقتصاد إلى آخر، وهي تعكس مدى تقدم الدول أو تأخرها، إذ مع نهاية الحرب العالمية الثانية، عندما أصبح إنهاء الاستعمار والتنمية قضيتين مهمتين بالنسبة للمجتمع الدولي، أصبح النظر إلى القطاع غير المهيكل بأنه رجعي ومرادف للتخلف.

نسب الاقتصاد غير الرسمي تصل إلى 17.2% من الناتج الداخلي الإجمالي في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، بينما تصل في الدول ذات الاقتصادات النامية والأسواق الناشئة إلى الثلث، وتصل نسبة العاملين في القطاع غير الرسمي بنحو 70% من سوق العمل، نصفهم يعملون لدى أنفسهم. وتتزايد هذه النسب في المجتمعات ذات الاقتصادات الضعيفة، بسبب ضعف قدرة الاقتصاد الرسمي على خلق فرص شغل للفئات المؤهلة لولوج سوق العمل.

وانتشار هذا النوع من الاقتصاد يعود إلى مجموعة من الأسباب، منها: ما هو اضطراري لعدم كفاية فرص العمل وتراجع النمو بما يستبعد مؤهلين وراغبين في العمل من مجالات منظمة في القطاع الرسمي، ومنها ما هو تفضيلي إذ بعض الفئات يفضّل العمل الذي يجد فيه استقلالية ومرونة في المواعيد، ومنها ما هو مرتبط بالتعقيدات البيروقراطية، وتداخل الأنظمة الرقابية، وقصور قوانين العمل والتأمينات الاجتماعية، والافتقار إلى الحوكمة، وعدم اكتمال المنظومة التشريعية، والتفاوت والتراخي في الاحتكام إليها، والافتقار إلى قواعد العدالة الناجزة.

النتيجة أن الأنشطة غير الرسمية تحرم العاملين فيها من نظام الحماية الاجتماعية التي باتت تفرض نفسها أكثر وأكثر على مختلف دول العالم في إطار العمل على تعزيز الأمان الاجتماعي والحماية للأفراد، وهي تعرقل أيضاً جهود الحكومات في جمع بيانات دقيقة بشأن العاملين في هذه الأنشطة وقطاعاتهم الاقتصادية.

أخبار ذات صلة

الاستثمار في الأمن الغذائي
أعيدوا لنا 7:15 – 1:30

كما أنها تعيق إمكانات النمو، وتحدُّ من تراكم الرأسمال البشري الضروري لأي عملية تنموية، بما أن العمل غير المهيكل يتميز دائماً بعدم احترام المقتضيات القانونية وغياب الحماية الاجتماعية.

هناك حاجة لاعتماد مقاربات جديدة لامتصاص القطاع غير المهيكل، تبنى على تصور اجتماعي واقتصادي وحقوقي يهدف إلى إدماج الاقتصاد غير الرسمي، وتحري قواعد الرقابة الحصيفة والانضباط والحوكمة.