فاطمة اللامي

كُلُّنا، اليوم في همّ الجائحة سواء، بمعنى أننا نكابد الشعور ذاته، والمخاوف ذاتها، نوبات الاكتئاب التي انزلق فيها معظمنا، عدا من واجه محنة الجائحة بمحنة خاصة، وما زال يكابد تشظياتها في ظرف استثنائي صعب، ففي ظل انعزال الناس ومخاوف الاختلاط، وموجات التحور الفايروسي الجديدة، تبقى معاناة صاحب المحنة الخاصة في سياق تداعيات الفايروس ثقيلة بكل أبعادها النفسية، والعصبية، والعاطفية، كما يبقى «الفقد» وفقدان المواساة، الاجتماعية، التقليدية في مثل تلك المواقف له وقعه المؤلم في النفس، الذي يضاعف من مشاعر الغبن، والحزن، والرغبة في الانخراط في عزلة مضاعفة!

وهناك من استطاع أن يتجاوز ذلك الخوف بمشاعر الحذر والحيطة وحسب؛.. يمارس الحياة بشكل اعتيادي، ولكن، بوعي ومسؤولية أكثر مما قبل، محققاً لمعادلة التعايش مع الجائحة وتطوراتها، وممارسة حياة شبه طبيعية، دون أن يفرط في مجمل تفاصيل حياته أو مهامه، ودون أن يتحامل على الآخرين ممن آثاروا الانعزال بشكل كلي، والانغلاق على أنفسهم، والدخول في أزمة مشاعر، أو اختلاق خلافات اجتماعيَّة غير مبررة، فقط، لعدم مقدرتهم على التكيف مع الإجراءات الوقائية!

وهناك كمن كان تائهاً عن مسار الحياة؛ أشبه بمن استسلم لنوم عميق ولم يفق إلّا بعد أن وجد نفسه في حجر قسري طويل الأمد، ليراوده شعور وكأن الحياة ستُسْلبُ منه، فتتولد لديه رغبة عارمة لخوض غمار الحياة واكتشافها بكل فصولها، وتعويض ما أضاعه من فرص أثناء غفوته!

تلك الفئة، لربما كانت بحاجة لصدمة مثل جائحة كورونا، لتعرف أن الحياة جديرة بأن تعيشها ببساطة بلا حذر مبالغ، أو مخاوف، أو هواجس غير مبررة تستهلك أعمارها، فقط، لكونها من أولئك الذين يفضلون الانعزال، لتجنب خسائر محتملة، أو هي الاعتيادية، المقيتة، المقاومة لأي تغيير، الرافضة للآخر، كالاعتياد على نمط حياة معيّن، أو لمزاج معين، فيتحاشون ربكة الخروج عن إطاره.. يقيسون الحياة بالمسطرة، وكأنهم مضطرون لانتزاع الأشياء التي يريدون من يد الحياة لكي يشعروا بالرضا، أو السعادة، أو ضرورة الدخول في حروب مع الآخرين لتحقيق الاكتفاء، أو للشعور بتحقق الذات، أو للاستئناس بالحياة أكثر!

أخبار ذات صلة

الاستثمار في الأمن الغذائي
أعيدوا لنا 7:15 – 1:30