إيمان الهاشمي

هل شعرت يوماً بأن البعض يبذلون أقصى جهدهم كي يحطموك أو يحبطوك أو أقلها يمنعوك؟ وأن العقبة التي أمامك تأتي من أقرب الناس حين يخدعوك؟

اطمئن! هذه ليست مجرد وسوسة شيطانٍ ملعون، وإنما ما يسمى (بنظرية السلطعون)، حيث تنص هذه النظرية على أن تضع مجموعة من «سرطانات البحر» في دلو مفتوح غير مقلوب، بينما تجلس لتراقبهم كيف يحاصرون أنفسهم بأنفسهم حين يحاول أحدهم الهروب، فتراهم يمنعونه من الخروج بكل وسيلة وكل أسلوب، مما يضمن بالتأكيد الزوال الجماعي للجماعة، وهو ما يشابه نمط سلوك بشري سلبي ناتج عن قناعة، وذلك عندما يستعد الشيطان للأذية ويرتدي قناعه، أي بمعنى (إذا لم أستطع الحصول عليه، فلا يمكنك ذلك)! باختصار التنغيص على كل ناجح نتيجة الحسد، أو الاستياء، أو الغيرة، أو الحقد أو التنافس غير الشريف، بعكس (نظرية كدرس) الموسيقار الحنون الذي صنع النجاح لنفسه ولكل من حوله بحبٍ عفيف وقلب لطيف.

الملحن السعودي الفريد (عمر نوح فلاته)، الذي غمر لقب (كَدَرْس) كل حياته، والتصق باسمه نتيجة لحادثة طريفة، لجملة خفيفة في لحظة ظريفة، قيلت له من معلمه عندما كان تلميذاً صغيراً في مدرسته الابتدائية، وملخص القصة أن معلمه عَيَّنَه ذات مرة مراقباً على تلاميذ صفه ليحد من المشاغبة والأذية، وهو ما كان يسمى آنذاك في تلك الأيام الجميلة بالعريف، ليضمن انضباط تلاميذ الصف بشيء قليل من التخويف، وعندما عاد المعلم إلى صفه وجد (عمر نوح فلاته) واقفاً أمام السبورة كـدرس أي مثل الدرس أو مشابهاً للدرس، فالتقط زملاؤه الكلمة وصاروا ينادونه بـ(كدرس)، وبالرغم من قلة أعماله إلا أنها تميزت بأفكار موسيقية جديدة ولمّاعة، فقد عمل في مدينة جدة رئيساً لقسم البرامج الشعبية ومستشاراً موسيقياً للإذاعة، وهو من الفنانين الخليجيين الذين أُعجبت بموهبتهم سيدة الغناء العربي أم كلثوم، وبالطبع لا يزال العالم معجباً بأعماله إلى هذا اليوم، فقد لحن لكبار الفنانين، وخاصة السعوديين، كما أنه دعم «محمد عبده» بشكل خاص في بدايات ظهوره على الساحة الفنية، ليثبت نظريته «كدرس» في حب المساعدة وحسن النية.

للأسف، تعرض (كدرس) لجلطة في دماغه وتطورت إلى سرطان في معدته، ولكنه تماسك وصارع المرض ولم يفتقد أصدقاؤه طيبة قلبه ومساعدته، لأنه ببساطة استمر في عطائه إلى آخر رمق، وبالتالي هو بمسمى «نظرية كدرس» الأحق، وهذه بالتأكيد هي كلمة الحق.

أخبار ذات صلة

الاستثمار في الأمن الغذائي
أعيدوا لنا 7:15 – 1:30