صفية محمد الشحي

«هل تكبر الحياة في السن؟» سؤال البداية في نص «المقهى» للراحل أحمد راشد ثاني، والمطر يطرق برؤوس أصابعه الموج بحثاً عن الجدوى، والحكم على الأنا قاطع «أمامها باب واحد، ولا تعرف الطريق» ويبدو هذا أفضل تفسير لما تعيشه أرواحنا حبيسة الأرقام، فهي الحائرة في الداخل الأبدي، بينما "الحياة تقهقه عند الناصية وتذهب"، ما يحدث لنا هو منطقي، فعندما يقرر البشر نفي ذواتهم إلى عالم يلتهم طبيعتهم شيئاً فشيئاً، فهم يتحولون إلى كائنات افتراضية، بمشاعر محددة برموز ضاحكة، حزينة أو متهكمة.

ما يطرح تساؤلات عدة عما يمكن أن يسهم به الشعر والفلسفة، عندما نحاول فهم هذه التغييرات والتفكير فيها؟ وكيف يتحدى هذا التحول الرقمي الأفكار السابقة حول ماهيتنا وطريقنا؟ وماذا عن مبادئنا ومثلنا العزيزة ومفاهيم أخرى مثل: الخصوصية، الثقة، الحرية والتواصل؟ بالشعر سنستعين وبالفلسفة سنعالج الضرر، وعلى حقيقتها سنرى الأمور.

«هل تكبر الحياة في السن» في هذا العالم الجديد؟ كالمطر سنفتح أعيننا في غياب حضورنا الفيزيائي، ونطير غيوماً غرباً، شمالاً، جنوباً وشرقاً، من المكان إياه دون أن تتحرك أقدامنا، نحو هذا الزمن المائع الذي يتمدد وينحسر كموجة، فنحن كمن يحمل جسده في جيبه، ظاناً أنه يشعل روحه قنديلاً، وعندما يحس بالغرق، يرفع بصره إلى السقف، ليجمع الكلمات التي جعلت منه يوماً إنساناً.

أخبار ذات صلة

الاستثمار في الأمن الغذائي
أعيدوا لنا 7:15 – 1:30

في نص آخر بعنوان «حيث تشرق الشمس» سؤال جديد: «ماذا لو رجعنا، وأغلقنا الباب علينا؟» هل نعود بشراً من لحم وروح؟ ونملأ فراغ الحضور الافتراضي بالسفن والولع؟ كأن البصر ارتد للقلب، عندما انتزعنا الورطة ثلاثية الأبعاد، وعدنا للجغرافيا والتاريخ والشعر واللغة، إلى حقيقتنا حيث «الاتساع الذي ننطوي عليه، واليأس الذي ملأنا بالأمل».

ملاحظة: هذا النص كتب شكراً لروح أحمد راشد ثاني